للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد اللّه بن الحارث بن نوفل، قال: إني لأسيرُ مع معاوية مُنصرفه من صِفِّين، بينه وبين عمرو بن العاص، فقال عبد اللّه بن عمرو: يا أبة، أما سمعتَ رسولَ اللّه يقول لعمَّار: "ويحكَ يا بن سُميَّة! تَقتُلُكَ الفئةُ الباغيةُ؟ "قال: فقال عمرو لمعاوية: ألا تسمع ما يقول هذا؟ فقال معاوية: لا تزال تأتينا بِهَنَةٍ، أو نحنُ قتلناهُ؟ إنما قتلَه الذين جاؤوا به.

ثم رواه أحمد عن أبي نُعيم، عن الثوريِّ، عن الأعمش، عن عبد الرحمن بن أبي زياد (١)، فذكرَ مثله (٢).

فقول معاوية: إنما قتلَه من قدَّمه إلى سيوفنا، تأويل بعيدٌ جدًّا، إذ لو كان كذلك لكان أميرُ الجيش هو القاتلُ للذين يُقتلون في سبيل اللّه، حيث قدَّمهم إلى سُيوف الأعداء.

وقال عبدُ الرزاق: أخبرنا ابن عُيينة، أخبرني عمرو بن دينار، عن ابن أبي مُليكة، عن المِسْوَر بن مَخْرمةَ، قال عمرُ لعبد الرحمن بن عوف: أما علمتَ أنَّا كنَّا نقرأ ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ [الحج: ٧٨] في آخر الزمان، كما جاهدتُم في أوَّله؟ فقال عبد الرحمن: ومتى ذلك يا أميرَ المؤمنين؟ قال: إذا كان بنو أمية الأمراء وبنو المغيرة الوزراء. ذكره البيهقيّ هاهنا، وكأنه يستشهد به على ما عقد له الباب بعده من ذكر الحكمين وما كان من أمرهما، فقال: "باب ما جاء في إخباره عن الحكمين اللذين بُعثا في زمان عليٍّ ".

أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عُبيد الصفار، حَدَّثَنَا إسماعيل بن الفضل، حَدَّثَنَا قُتيبة بن سعيد، عن جرير، عن زكريا بن يحيى، عن عبد اللّه بن يزيد وحبيب بن يسار، عن سُويد بن غَفَلة قال: إني لأمشي مع عليٍّ بشطِّ الفُرات فقال: قال رسول اللّه : "إن بني إسرائيلَ اختلفوا فلم يزلْ اختلافهم بينهم حتى بعثوا حكمين فضَلَّا وأضلا من اتَّبعَهما، وإنَّ هذه الأمة ستختلفُ فلا يزالُ اختلافهم بينَهم حتى بعثوا حكمين ضَلَّا وأضَلَّا من اتَّبَعَهُما" (٣).

هكذا أورده ولم يُبيِّن شيئًا من أمره، وهو حديث منكر جدًّا، وآفته من زكريا بن يحيى هذا - وهو الكِنْديُّ الأعمى - قال يحيى بن معين: لسس بشيء، والحَكَمان كانا من خيار الصحابة، وهما عمرو بن العاص السَّهْمِيُّ من جهة أهل الشام، الثاني أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعريُّ، من جهة أهل العراق،


(١) تقدم في الرواية السابقة أنه "عبد الرحمن بن زياد" فيقال فيه: ابن أبي زياد أيضًا، كما في تهذيب الكمال (١٧/ ١١٢) وقد ساق المزي هذا الحديث في التهذيب من طريق المسند الأحمدي.
(٢) رواه أحمد في المسند (٢/ ١٦١) و (٢٠٦) رقم (٦٥٠٠) و (٦٩٢٦) والنسائي في خصائص عليّ رقم (١٦٨) وهو حديث صحيح.
(٣) رواه البيهقيّ في الدلائل (٦/ ٤٢٣) وهو حديث منكر جدًّا، وقد أوضح ذلك الحافظ ابن كثير رحمه اللّه تعالى في تتمة الحديث.