للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخرى، ويقول: "إنَّ ابنى هذا سَيِّدٌ، ولعلَّ الله أن يُصلحَ به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".

وقال البخاري (١): قال لي علي بن المديني: إنما ثبت عندنا سَماعُ الحسن من أبي بكرةَ بهذا الحديث. وقد رواه البخاري أيضًا في فضل الحسن (٢)، وفي كتاب الفتن عن عليِّ ين المدينيّ (٣)، عن سفيان بن عُيينة، عن أبي موسى - وهو إسرائيل بن يُونس بن أبي إسحاق -.

ورواه أبو داود (٤) والترمذي (٥): من حديث أشعث. وأبو داود أيضًا والنَّسائي (٦): من حديث على بن زيد بن جدعان، كلُّهم عن الحسن البصري، عن أبي بكرة به. وقال الترمذي: صحيح. وله طرق عن الحسن مرسلًا، وعن الحسن وعن أم سلمة به.

وهكذا وقع الأمر كما أخبر به النبيُّ سواء، فإنَّ الحسنَ بن عليّ لمَّا صارَ إليه الأمرُ بعد أبيه، وركبَ في جيوش أهل العراق، وسار (٧) إليه معاوية، فتصافَّا بصِفِّينَ، على ما ذكرَه الحسنُ البصريُّ (٨)، فمالَ الحسنُ بن علي إلى الصُّلْح، وخطبَ النَّاسَ وخلعَ نفسَه من الأمر وسلَّمه إلى معاوية، وذلك سنة أربعين، فبايَعه الأُمراءُ من الجيشين، واستقلَّ باعباء الأُمَّة، فسُمِّي ذلك العام عامَ الجماعة، لاجتماع الكلمة فيه على رجل واحد، وسنُورد ذلك مُفَصَّلًا في موضعه إن شاء الله تعالى. وقد شهدَ الصادقُ المصدوقُ للفِرْقتين بالإسلام، فمن كفرهم أو واحدًا منهم بمجرد ما وقعَ فقد أخطأ وخالفَ النَّصَّ النَّبَوِيَّ المُحَمَّدِيَّ الذي لا ينطقُ عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يُوحى، وقد تَكمُلُ بهذه السَّنة المُدَّة التي أشار إليها رسول الله أنها مدة الخلافة المتتابعة بعدَه، كما تقدَّم في حديث سفينةَ مولاهُ أنه قال: "الخِلافةُ بعدي ثلاثونَ سَنَةً، ثم تكونُ مُلْكًا" (٩) وفي رواية "عَضُوضًا" وفي رواية عن معاوية، أنه قال: رَضِيْنَا بها مُلْكًا.

وقد قالَ نُعَيْم بن حمَّاد في كتابه "الفتن والملاحم": سمعتُ محمد بن فضيل عن السَّرِيِّ بن إسماعيل، عن عامر الشعبي، عن سفيان بن اللَّيل قال: سمعتُ الحسنَ بن علي يقول: سمعتُ عليًا يقول: سمعتُ رسولَ الله يقولُ: "لا تذهبُ الأيَّام واللَّيالي حتَّى يجتمعَ أمرُ هذه الأُمَّة على


(١) قول البخاري عقيب حديث رقم (٢٧٠٤).
(٢) في صحيحه (٣٧٤٦) في المناقب.
(٣) في صحيحه (٧١٠٩).
(٤) رواه أبو داود في سننه رقم (٤٦٦٢) في السنة.
(٥) رواه الترمذي في الجامع رقم (٣٧٧٣).
(٦) في فضائل الصحابة (٦٣) وفي الصلاة (١٧١٨) من سننه الكبرى، وهو في المجتبى (٣/ ١٠٧).
(٧) في نسخة: وصار.
(٨) تقدم الخبر قبل قليل.
(٩) تقدم الحديث. والمُلكُ العَضُوضُ: الذي يصيب النَّاسَ فيه عسفٌ وظلم، كأنَّهم يعضُّون فيه عضًّا.