للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ

الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ [يوسف: ٦٧]. فكان سلوكُ يزيد بن أبي سفيان على تبوك.

قال المدائنيّ بإسناده عن شيوخه قالوا: وكان أبو بكر بعث هذه الجيوش في أول سنة ثلاث عشرة.

قال محمد بن إسحاق (١) عن صالح بن كيسان: خرج أبو بكر ماشيًا ويزيد بن أبي سفيان راكبًا فجعل

يوصيه، فلما فرغ قال: أقرئك السلام وأستودعك الله، ثم انصرف ومضى يزيد وأجدَّ السيرَ. ثم ثبعه

شرحبيل بن حسنة، ثم أبو عبيدة مددًا لهما. فسلكوا (غير) ذلك الطريق.

وخرج عمرو بن العاص حتى نزل فلسطين من (٢) الشام. ويقالُ إن يزيدَ بن أبي سفيان نزلَ البلقاء

أولًا. ونزل شرحبيلُ بالأردنّ، ويقال ببُصْرى. ونزلَ أبو عبيدة بالجابية. وجعلَ الصدِّيقُ يمدُّهم

بالجيوش، وأمر كل واحد منهم أن ينضاف إلى من أحبَّ من الأمراص. ويُقال إن أبا عبيدة لما مرَّ بأرض

البلقاءِ قاتلهم حتى صالحوه، وكان أولَ صلحٍ وقعَ بالشامِ.

ويقالُ: إنَّ أولَ حربٍ وقع بالشام أن الرومَ اجتمعوا بمكانٍ يقال له العَرَبة (٣) من أرض فلسطين،

فوجه (٤) إليهم أبا أمامة في سرية فقتلهم وغنم منهم، وقتل منهم بطريقًا عظيمًا. ثم كانت بعد هذه وقعة

مَرْجِ الصُّفَّر استُشهد فيها خالد بن سعيد بن العاص وجماعة من المسلمين. ويقال إنَّ الذي استُشهد في

مَرْج الصُّفَّر ابنٌ لخالد بن سعيد [بن العاص، وجماعة من المسلمين، وأما خالد بن سعيد] ففرَّ حتى

انحاز إلى أرضِ الحجاز، فالله أعلم، حكاه ابن جرير (٥).

قال ابن جرير (٦): ولما انتهى خالد بن سعيد إلى تيماء اجتمع له جنود من الروم في جمع (٧)

كثير من نصارى العرب، من بَهْراء (٨)، وتنوخ، وبني كَلْب، وسَليح، ولَخْم وجُذام، وغَسّان،

فتقدم إليهم خالد بن سعيد، فلمّا اقتربَ منهم تفرّقوا عنه ودخلَ كثيرٌ منهم في الإسلام، وبعثَ إلى

الصديق يُعلمُه بما وقعَ من الفتح، فأمرَهُ الصديق أن يتقدَّم ولا يُحْجم؛ وأمدَّه بالوليد بن عقبة (٩)


(١) تاربخ الطبري (٣/ ٤٠٥).
(٢) في ط: العرمات من أرض الشام، وفي تاريخ الطبري (٣/ ٤٠٥): نزل بغمر العَربات.
(٣) الكامل في التاريخ (٢/ ٤٠٥) وفيه: واجتمع للروم جمع بالعَربة من أرض فلسطين. وفي ط: العرية. وعند
ياقوت: الغَزيَّة قرية من أعمال زُرْع من نواحي حوران. معجم البلدان (٤/ ٢٧)، والمصنف ينقل من تاريخ
الطبري وفيه كما هنا.
(٤) في أ: فتوجه.
(٥) تاريخ الطبري (٣/ ٤٠٦).
(٦) تاريخه (٣/ ٣٨٩).
(٧) في أ: ومعهم كثير.
(٨) في ط: من غيرا؛ تحريف.
(٩) في ط: الوليد بن عتبة؛ خطأ، والخبر في تاريخ الطبري (٣/ ٣٩٠).