للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سار حتى وصل إلى قناة بصرى، فوجد الصحابة تحاربها، فصالحه صاحبها وسلمها إليه، فكانت أول مدينة فتحت من الشام ولله الحمد.

وبعثَ خالدٌ بأخماس ما غنم من غسان مع بلال بن الحارث المزني إلى الصديق (ثم سار وأبو عبيدة ومرثد وشرحبيل إلى عمرو بن العاص - وقد قصده الروم بأرض العربا من المعور - فكانت واقعة أجنادين). وقد قال رجل من المسلمين في مسيرهم هذا مع خالد (١) [من الرجز]:

لله عَيْنَا (٢) رافِعٍ أنَّى اهْتدى

فَوّزَ منْ قُراقِرٍ إلى سُوى

خمسًا إذا ما سارها الجيشُ بكى

ما سارَها قَبلكَ إنسيٌّ أرى

وقد كان بعضُ العرب قال له في هذا المسير: إن أنتَ أصبحتَ عند الشجرة الفلانية نجوتَ أنتَ ومنْ معكَ، وإن لم تدركْها هلكتَ أنتَ ومنْ معك، فسار خالد بمن معه وسَرَوا سروةً عظيمةً فأصبحوا عندها، فقال خالد: عندَ الصَّباح يحمد القوم السُّرى. فأرسلها مثلًا، وهو أول من قالها .

(ويقول غير ابن إسحاق، كسيف بن عمر وأبي مِخْنَف وغيرهما في تكميل السياق الأول:

حين اجتمعت الروم مع أمرائها بالواقوصة) وانتقل الصحابة من منزلهم الذي كانوا فيه، فنزلوا قريبًا من الروم في طريقهم الذي ليس لهم طريق غيره، فقال عمرو بن العاص: أبشروا أيها الناس، فقد حصرت (والله) الروم، وفلما جاء محصور بخير.

ويقال: إنّ الصحابة لما اجتمعوا للمشورة في كيفية المسير إلى الروم، جلس الأمراء لذلك فجاء أبو سفيان فقال: ما كنت أظنّ أني أعمَّر حتّى أدرك قومًا يجتمعون لحرب ولا أحضرهم، ثم أشار أن يتجزَّأ الجيشُ ثلاثةَ أجزاء، فيسير ثلثه فينزلون تجاه الروم، ثم تسير الأثقال والذراري في الثلث الآخر، ويتأخر خالد بالثلث الآخر حتى إذا وصلت الأثقال إلى أولئك سار بعدهم ونزلوا في مكان تكون البرية من وراء ظهورهم لتصل (إليهم) البُرُد والمَدد. فامتثلوا ما أشار به ونعم الرأي هو.

وذكر الوليد عن صفوان عن عبد الرحمن بن جبير:

أن الروم نزلوا فيما بين دير أيوب واليرموك، ونزل المسلمون من وراء النهر من الجانب الآخر، وأذرعات خلفهم ليصل إليهم المدد من المدينة. ويقال إن خالدًا إنما قدم عليه بعدما نزل الصحابة تجاه الروم بعد ما صابروهم (وحاصروهم) شهر ربيع الأول بكماله، فلما انسلخ وأمكن القتال لقلة الماء بعثوا


(١) الأشطار الثلاثة الأولى في معجم ما استعجم (١٠٥٨) وهي أربعة في معجم البلدان (٤/ ٣١٨) وهي في تاريخ الطبري (٣/ ٤١٦) كما هنا.
(٢) في معجم ما استعجم: ضل ضلال رافع، وفي معجم البلدان: لله در رافع.