للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى الصديق يستمدونه فقال: خالد لها، فبعث إلى خالد فقدم عليهم في ربيع الآخر، فعند وصول خالد إليهم أقبل باهان مددًا للروم ومعه القساقسة، والشمامسة والرهبان يحثونهم ويحرضونهم على القتال لنصر دين النصرانية، فتكامل جيش الروم أربعون ومئتا ألف، ثمانون ألف مسلسل بالحديد والحبال، وثمانون ألف فارس، وثمانون ألف راجل.

قال سيف (١): وقيل بل كان الذين تسلسلوا كل عشرة سلسلة لئلا يفروا ثلاثين ألفًا، فالله أعلم.

(قال سيف) وقدم عكرمةُ بمنْ معه من الجيوش فتكاملَ جيشُ الصحابةِ ستةً وثلاثين ألفًا إلى الأربعين ألفًا.

وعند ابن إسحاق والمدائني (أيضًا): أن وقعةَ أجنادين قبل وقعة اليرموك وكانت وقعةُ أجنادين لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة، وقتل بها بشر كثير من الصحابة، وهزم الروم وقتل أميرهم القيقلان. وكان قد بعث رجلًا من نصارى العرب يجس له أمر الصحابة، فلما رجع إليه قال: وجدتُ قومًا رهبانًا بالليل فرسانًا بالنهار، والله لو سرقَ فيهم ابنُ ملكهم لقطعوه، أو زنى لرجموه. فقال له القيقلان: والله لئن كنت صادقًا لبَطْنُ الأرض خيرٌ من ظهرها.

(وقال سيف بن عمر في سياقه):

ووجد خالد الجيوش متفرقة فجيش أبي عبيدة وعمرو بن العاص ناحية، وجيش يزيد وشرحبيل ناحية. فقام خالد في الناس خطيبًا.

(وقال سيف بن عمر في وقعة اليرموك) فأمرهم بالاجتماع ونهاهم عن التفرق والاختلاف. فاجتمع الناس وتَصافُّوا مع عدوّهم في أول جمادى الآخره، وقام خالد بن الوليد في الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال: إن هذا يوم من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي، أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم، وإن هذا يوم له ما بعده لو رددناهم اليوم إلى خندقهم فلا نزال نردهم، وإن هزمونا لا نفلح بعدها أبدًا، فتعالوا فلنتعاور الإمارة فليكن عليها بعضُنا اليوم والآخر غدًا والآخر بعد غد، حتى يتأمَّر كلكم، ودعوني اليوم أليكم، فأمّروه عليهم وهم يظنون أن الأمرَ يطول جدًّا، فخرجت الروم في تعبئة لم يُر (مثلها) قبلها قط، وخرج خالد في تعبئة لم تعبئها العرب قبل (ذلك). فخرج في ستة وثلاثين كردوسًا (إلى الأربعين) كلُّ كردوسٍ ألفُ رجلٍ عليهم أميرٌ، وجعل أبا عبيدة في القلب، وعلى الميمنة عمرو بن العاص ومعه شرحبيل بن حسنة، وعلى الميسرة يزيد بن أبي سفيان. وأمَّرَ على كل كردوس أميرًا، وعلى الطلائع قُبَاث (٢) بن أشيم، وعلى الأقباض عبد الله بن مسعود، والقاضي يومئذ أبو الدرداء، وقاصّهم الذي


(١) قول سيف وخبر وقعة اليرموك في تاريخ الطبري (٣/ ٣٩٤ - ٤١١) والكامل لابن الأثير (٢/ ٤١٠ - ٤١٥).
(٢) في أ، ط: قباب؛ وهو تحريف، وهو قُباث بن أشيم بن عامر بن الملوِّح اللّيثي ويقال التميمي والكناني وهو الأكثر. الاستيعاب (٤/ ١٣٠٣) والإكمال (٧/ ٩٧) وجامع الأصول (١٥/ ٥٥) وأسد الغابة (٤/ ٣٧٩) والإصابة (٣/ ٢٢١).