للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من غوطة دمشق، يقال لها "المنيحة" وبها قبر مشهور به. ولم أر الحافظ ابن عساكر تعرَّض لذكر هذا القبر (١) في ترجمته بالكلية، فالله أعلم.

قال ابن عبد البر (٢): ولم يختلفوا أنه وجد ميتًا في مغتسله، وقد اخضرَّ جسدُه ولم يشعروا بموته حتى سمعوا قائلًا يقول (٣): [من الهزج]

قَتَلْنا سَيِّدَ الخَزْرَ … جِ سَعْدَ بْن عُبَادة

رَمَيْناهُ بسهمين (٤) … فلم يخطئ فؤادَهْ

قال ابن جريج: سمعت عطاءً [يقول] سمعت أن الجنَّ قالوا في سعد بن عبادة هذين البيتين.

له عن النبي أحاديثُ، وكان من أشد الناس غيرةً، ما تزوّج امرأةً إلا بكرًا، ولا طلَّق امرأة فتجاسر أحدٌ أن يخطبها بعده.

وقد روي أنّه لما خرج من المدينة قسم ماله بين بنيه، فلما توفي، ولد له ولد، فجاء أبو بكر وعمر إلى ابنه (قيس) بن سعد فأمراه أن يدخل هذا معهم، فقال إني لا أغير ما صنع سعد، ولكن نصيبي لهذا الولد.

سلمة (٥) بن هشام بن المغيرة، أخو أبي جهل بن هشام، أسلم سلمةُ قديمًا، وهاجر إلى الحبشة، فلما رجع منها حبسه أخوه وأجاعه، فكان رسول الله يدعو له في القنوت ولجماعةٍ معه من المستضعفين. ثم انسلّ فلحق برسول الله بالمدينة بعد الخندق، وكان معه بها، وقد شهد أجنادين، وقتل بها .

ضرار (٦) بن الأزور الأسدي، كان من الفرسان المشهورين، والأبطال المذكورين، له (مواقف) مشهودة، وأحوال محمودة. ذكر عروة وموسى بن عقبة أنه قتل بأجنادين. له حديث (٧) في استحباب إبقاء شيء من اللبن في الضرع عند الحلب.


(١) لقد تعرض ابن عساكر رحمه الله تعالى في أوّل ترجمة سعد بن عبادة من تاريخ دمشق (٢٠/ ٢٣٧) لذكر هذا القبر وقال: وقيل إن قبره بالمنيحة من إقليم بيت الآبار. وصدق الله تعالى ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: ٧٦].
(٢) الاستيعاب (٢/ ٥٩٩).
(٣) البيتان في الاستيعاب، وتاريخ دمشق (٢٠/ ٢٦٦) وأسد الغابة (٢/ ٢٥٨) وسير أعلام النبلاء (١/ ٢٧٧) وقد أضاف المحقق كلمة (قد) قبل البيت الأول والواو قبل البيت الثاني فتحول وزنه من الهزج إلى مجزوء الرمل - والبيتان - مُخْتلَّي الوزن - في جامع الأصول.
(٤) في الأصلين والاستيعاب: بسهم؛ ولا يستقيم بها الوزن.
(٥) ترجمة - سلمة بن هشام - في الجرح والتعديل (٤/ ١٧٦) والاستيعاب (٦٤٣) وجامع الأصول (١٤/ ١٩٢) وأسد الغابة (٢/ ٤٣٥ - ٤٣٦) والإصابة (٢/ ٦٨ - ٦٩).
(٦) ترجمة - ضرار بن الأزور - في الاستيعاب (٧٤٦) وتاريخ دمشق (٢٤/ ٣٧٨ - ٣٩٢) - طبعة دار الفكر - وأسد الغابة (٣/ ٥٢) والإصابة (٢/ ٢٠٨ - ٢٠٩).
(٧) رواه الإمام أحمد في مسنده (٤/ ٣٣٩) والدارمي في سننه (٢/ ٨٨) ونصه: عن ضرار بن الأزور =