للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى البخاريُّ في "صحيحه" (١): حَدَّثَنَا سليمان بن حرب، حَدَّثَنَا شعبة، عن حبيب بن جُبير، عن عمرو بن ميمون، قال: إنَّ معاذا لما قدمَ اليمن صلَّى بهم الصُّبْح، فقرأ ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النساء: ١٢٥]. فقال رجل من القوم: لقد قرَّت عينُ أُمِّ إبراهيم.

وقال ابن مردويه (٢): حَدَّثَنَا عبدُ الرحيم بن محمد بن مسلم، حَدَّثَنَا إسماعيل بن أحمد بن أسيد، حَدَّثَنَا إبراهيمُ بن يعقوب الجُوزجاني بمكَّة، حَدَّثَنَا عبدُ اللّه الحنفي، حَدَّثَنَا زَمْعة بن صالح، عن سلمةَ بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: جلسَ ناسٌ من أصحاب رسول اللّه ينتظرونه، فخرجَ حتى إذا دنا منهم سمعَهم يتذاكرون، فسمعَ حديثَهم، وإذا بعضُهم يقول: عَجبًا، إن اللّه اتَّخذَ من خلقه خليلًا، فإبراهيم خليله. وقال آخر: ماذا بأعجبَ اللّه كَلَّمَ موسى تكليمًا. وقال آخر: فعيسى روحُ الله وكلمتُه. وقال آخر: آدمُ اصطفاه اللّه. فخرجَ عليهم فسلَّم، وقال: "قد سمعتُ كلامَكم وعجبَكم أن إبراهيمَ خليلُ الله، وهو كذلك، وموسى كليمُه، وهو كذلك، وعيسى رُوحه وكلمتُه، وهو كذلك، وآدمُ اصطفاه اللّه، وهو كذلك. ألا وإني حبيبُ الله ولا فخرَ، ألا وإني أوَّلُ شافع وأوَّلُ مُشفع ولا فخر، وأنا أَوَّلُ منْ يُحرِّك حلقةَ باب الجنَّة فيفتحه اللّه، فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين، وأنا أكرم الأوَّلينَ والآخرين يوم القيامة، ولا فخر".

هذا حديث غريب من هذا الوجه، وله شواهدُ من وجوه أخر، واللّه أعلم.

ورواه الحاكم في مستدركه (٣): من حديث قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: أتنكرون أن تكون الخُلَّة لإبراهيم، والكلامُ لموسى، والرؤية لمحمَّد، صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين.

وقال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا محمود بن خالد السُّلمي، حَدَّثَنَا الوليد، عن إسحاق بن بشَّار، قال: لما اتَّخذ اللّه إبراهيم خليلًا ألقى في قلبه الوجل، حتى إنْ كان خفقانُ قلبه ليُسمع من بُعد كما يُسمع خفقان الطير في الهواء (٤).

وقال عُبيد بن عُمير: كان إبراهيمُ يُضيِّفُ النَّاسَ، فخرجَ يومًا يلتمسُ إنسانًا يُضيِّفه، فلم يجد أحدًا يضيفه، فرجعَ إلى داره، فوجدَ فيها رجلًا قائمًا، فقالَ: يا عبد الله ما أدخلكَ داري بغير إذني؟ قال: دخلتها بإذن ربِّها. قال: ومنْ أنتَ؟ قال: أنا مَلَكُ الموتِ، أرسلني ربِّي إلى عبد من عباده أبشِّره بأن اللّه قد اتخذه خليلًا، قال: منْ هو؟ فوالله إنْ أخبرتني به، ثم كان بأقصى البلاد لآتينَّه،


(١) البخاري (٤٣٤٨) في المغازي.
(٢) كما في الدر المنثور (٢/ ٧٠٥) والترمذي (٣٦١٦) في المناقب، وقال: هذا حديث غريب.
(٣) المستدرك (١/ ٦٥ و ٢/ ٤٦٩).
(٤) كما في الدر المنثور (٢/ ٧٠٦).