للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنام" (١) فقام رجل من المسلمين فحلَّ من وثاق العباس حتى سكن أنينه فنام رسول الله ، ثم أسلم عام الفتح، وتلقَّى رسول الله إلى الجحفة فرجع معه، وشهد الفتح، ويقال إنه أسلم قبل ذلك ولكنه أقام بمكة بإذن النبي له في ذلك، كما ورد به الحديث (٢)، فالله أعلم.

وقد كان رسول الله يُجلُّه ويُعظِّمُه ويُنْزله منزلةَ الوالدِ من الولد، ويقول: "هذا بقيةُ آبائي" (٣) وكان من أوصل الناس لقريش وأشفقهم عليهم، وكان ذا رأي وعقل تام وافٍ (٤)، وكان طويلًا جميلًا أبيض بضًّا (٥) ذا ضفيرتين، وكان له من الولد عشرةُ ذكور سوى الإناث، وهم تمام -وكان أصغرهم- والحارث، وعبد الله، وعبيد الله، وعبد الرحمن، وعون، والفضل، وقثم، وكثير، ومعبد. وأعتق سبعين مملوكًا من غلمانه.

وقال الإمام أحمد (٦): حدَّثنا علي بن عبد الله قال: حدَّثني محمد بن طلحة التيمي (٧) من أهل المدينة، حدَّثني أبو سهيل نافع بن مالك، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله للعباس: "هذا العباس بن عبد المطلب أجودُ قريش كَفًّا وأوصلُها" تفرَّد به (٨).

وثبت في الصحيحين (٩): أن رسول الله قال لعمر حين بعثه على الصدقة فقيل منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله ، فقال له رسول الله : "ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيرًا فأغناه، وأما خالد فإنكم تظلمون خالدًا وقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي عليَّ ومثلُها" ثم قال "يا عمر أما شعرت أن عمَّ الرجل صنو أبيه" (١٠)؟.

وثبت في صحيح البخاري (١١) عن أنس: أن عمر خرج يستسقي وخرج بالعباس معه يستسقي به، وقال: اللهم إنّا كنّا إذا قحطنا توسّلنا إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبينا، قال: فيسقون.


(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات (٤/ ١٢، ١٣) وابن عساكر (١١٩).
(٢) أورد الذهبي هذا الحديث وهو قول رسول الله : "اطمئن يا عمُّ، فإنك خاتم المهاجرين، كما أنا خاتم النبيين". واذن له بالرجوع إلى مكة. إسناده ضعيف … وأورده الهيثمي في المجمع (٩/ ٢٦٩) وهو حديث ضعيف.
(٣) الحديث أورده ابن عساكر في تاريخه -عبادة، عبد الله- (ص ١٤١).
(٤) في أ: تام وافر.
(٥) الرجل البضُّ: الناصع البياض في سمن. اللسان (بضض).
(٦) مسند الإمام أحمد (١/ ١٨٥)، وإسناده حسن.
(٧) في ط: التميمي، تحريف، والتصحيح من مسند أحمد وتقريب التهذيب.
(٨) هكذا قال، وهو وهم منه ، فقد أخرجه النسائي في الكبرى (٨١٧٤) عن حميد بن مخلد عن علي بن عبد الله، به، وحميد بن مخلد ثقة ثبت، وهو من رجال التهذيب (بشار).
(٩) صحيح البخاري (١٤٦٨) في الزكاة، ومسلم (٩٨٣) في الزكاة.
(١٠) الصنو: المِثْل، يريد أن أصل العباس وأصل أبي واحد، وهو مثل أبي أو مثلي وجمعه صنوان. النهاية لابن الأثير (٣/ ٥٧).
(١١) صحيح الإمام البخاري (١٠١٠) في الاستسقاء.