للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال: إن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان كانا إذا مرا بالعباس وهما راكبان ترجّلا إكرامًا له.

قال الواقدي وغير واحد: توفي العباس في يوم الجمعة لاثنتي (١) عشرة ليلة خلت من رجب، وقيل من رمضان سنة ثنتين وثلاثين، عن ثمان وثمانين سنة، وصلى عليه عثمان بن عفان، ودفن بالبقيع وقيل توفي سنة ثلاث وثلاثين، وقيل سنة أربع وثلاثين، وفضائله ومناقبه كثيرة جدًا.

عبد الله بن مَسْعُود (٢) بن غَافلِ بن حبيب بن شَمْخ بن فار (٣) بن مَخْزُوم بن صاهِلَة بن كاهِل بن الحارث بن تميم (٤) بن سعد بن هُذَيْل بن مُدْركة بن إلياس بن مُضر الهُذَلي، أبو عبد الرحمن (٥) حليف بني زهرة، أسلم قديمًا قبل عمر، وكان سبب إسلامه حين مرَّ به رسول الله وأبو بكر ، وهو يرعى غنمًا فسألاه لبنًا فقال: إني مؤتمن، قال فأخذ رسول الله عناقًا (٦) لم ينز (٧) عليها الفحل، فاعتقلها ثمَّ حلب وشرب وسقى أبا بكر، ثم قال للضرع: "أقلص" (٨) فقلص، فقلت: علّمني من هذا الدعاء فقال: "إنك غلام (٩) معلَّم" الحديث (١٠).

وروى محمد بن إسحاق (١١)، عن يحيى بن عروة [عن عروة] (١٢)، عن أبيه: أنَّ ابن مسعود كان أول من جهر بالقرآن بمكة، بعد النبي عند البيت، وقريش في أنديتها قرأ سورة ﴿الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ [الرحمن: ١ - ٢] فقاموا إليه فضربوه، ولزم رسول الله حين أسلم، وكان يحمل نعليه وسواكه، وقال له: "إذنك عليَّ أن تسمعَ سوادي" (١٣) ولهذا كان يقال له صاحب السواك والسِّواد (١٤)،


(١) في أ: لثنتي.
(٢) ترجمة -عبد الله بن مسعود- في الطبقات (٢/ ٣٤٢ - ٣٤٤) والاستيعاب (٢/ ٩٨٧) وتاريخ بغداد (١/ ١٤٧) وجامع الأصول (١٤/ ٤٨٢) وأسد الغابة (٣/ ٣٨٤) وسير أعلام النبلاء (١/ ٤٦١ - ٥٠٠) وتاريخ الإسلام (٢/ ١٠٠) والإصابة (٢/ ٣٦٨ - ٣٧٠).
(٣) في جامع الأصول (١٤/ ٤٨٤): قار؛ بالقاف وقيل بالفاء والراء.
(٤) في ط والإصابة: تيم؛ تحريف لا بدَّ من تصحيحه.
(٥) في أ: أبو عبد الرحمن الهذلي.
(٦) العناق: الأنثى من أولاد المعز له سنة. النهاية (٣/ ٣١١).
(٧) لم ينز عليها الفحل: لم يثب عليها للنسل. النهاية (٥/ ٤٤).
(٨) قال للضرع: اقلص فقلص: أي اجتمع. النهاية (٤/ ١٠٠).
(٩) في أ: غليم.
(١٠) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (١/ ٣٧٩) والبيهقي في الدلائل (٢/ ١٧٢) وإسناده حسن.
(١١) الخبر في السيرة النبوية لابن هشام (١/ ٣٣٦).
(١٢) ساقط من أ.
(١٣) الحديث أخرجه مسلم في صحيحه (٢١٦٩) في السلام، وابن ماجه في سننه (١٣٩) في المقدمة.
(١٤) في ط: والوساد؛ خطأ. والسِّواد بالكسر: السّرار. النهاية (٢/ ٤١٩).