للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد، كما باركتَ على إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ، إنَّك حميدٌ مجيدٌ (١) ".

وقال تعالى: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾ [النجم: ٣٧] قالوا: وفي جميع ما أُمر به، وقامَ بجميع خصال الإيمان وشُعبه، وكان لا يَشغله مراعاة الأمر الجليل عن القيام بمصلحة الأمر القليل، ولا يُنسيه القيام بأعباء المصالح الكبار عن الصِّغار.

قال عبد الرزاق: أنبأنا مَعْمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس [في قوله تعالى] (٢): ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ﴾ [البقرة: ١٢٤] قال: ابتلاه اللّه بالطَّهارة: خمسٌ في الرأس، وخمسٌ في الجسد، في الرأس: قصُّ الشارب، والمضمضة، والسِّواك، والاستنشاق، وفرْقُ الرأس. وفي الجسد: تقليمُ الأظفار، وحَلْقُ العانة، والخِتان، ونتف الإبط، وغسل أثر الغائط والبول بالماء. رواه ابن أبي حاتم (٣)، وقال: وروي عن سعيد بن المسيب ومجاهد والشعبي والنخعي وأبي صالح وأبي الجلد نحو ذلك.

قلت: وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي قال: "الفطرةُ خمسٌ: الختان، والاستحداد، وقصُّ الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط" (٤).

وفي صحيح مسلم وأهل السنن (٥): من حديث وكيع، عن زكريا بن أبي زائدة، عن مصعب بن شيبة العبدري المكي الحجبي، عن طلق بن حبيب العَنَزي، عن عبد اللّه بن الزبير، عن عائشة، قالت: قال رسول اللّه : "عَشْر من الفِطرة: قصُّ الشارب، وإعفاء اللحية، والسِّواك، واستنشاق الماء، وقصُّ الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحَلْق العانة، وانتقاص الماء" - يعني: الاستنجاء (٦) - قال مصعب: ونسيتُ العاشرةَ إلا أن تكون المضمضة. قال وكيع: انتقاص الماء. وسيأتي في ذكر مقدار عمره الكلام على الخِتان.

والمقصودُ أنه كان لا يَشغله القيامُ بالإخلاص لله ﷿ وخشوع العبادة العظيمة، عن مراعاة مصلحة بدنه وإعطاء كلِّ عضوٍ ما يستحقه من الإصلاح والتحسين، وإزالة ما له


(١) أخرجه البخاري (٦٣٥٧) في الدعوات، ومسلم (٤٠٦) في الصلاة.
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من الأصل، وأثبته من المطبوع.
(٣) كما في الدر المنثور (١/ ٢٧٣) وأخرجه البيهقي (٨/ ٣٢٥) في السنن الكبرى، والحاكم (٢/ ٢٦٦) في المستدرك.
(٤) أخرجه البخاري (٥٨٩١) في اللباس، ومسلم (٢٥٧) في الطهارة.
(٥) أخرجه مسلم (٢٦١) في الإيمان، وأبو داود (٥٣) في الطهارة، والترمذي (٢٧٥٧) في الأدب، وابن ماجة (٢٩٣) في الطهارهّ وسننها، والنسائي (٨/ ١٢٦) و (١٢٨) في الزينة، وهو في الكبرى (٩٢٨٦) و (٩٢٨٧) و (٩٢٨٨).
(٦) ما بين حاصرتين سقط من المطبوع.