للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في قدره العظيم (١). وما أحسن ما قال بعض السلف في الخوارج إنهم المذكورون في قوله تعالى ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾ [الكهف: ١٠٣ - ١٠٥] والمقصود أن هؤلاء الجهلة الضلال، (والأشقياء) في الأقوال والأفعال، اجتمع رأيهم على الخروج من بين أظهر المسلمين، وتواطؤوا على المسير إلى المدائن ليملكوها (على الناس) ويتحصنوا بها ويبعثوا (٢) إلى إخوانهم وأضرابهم - ممن هو على رأيهم ومذهبهم (٣)، من أهل البصرة وغيرها - فيوافوهم إليها. ويكون اجتماعهم عليها. فقال لهم زيد بن حصن الطائي: إن المدائن لا تقدرون عليها، فإن بها جيشًا لا تطيقونه وسيمنعونها (٤) منكم، ولكن واعدوا إخوانكم إلى جسر نهر جوخى (٥)، ولا تخرجوا من الكوفة جماعات، ولكن اخرجوا وحدانًا لئلا يفطن بكم (٦)، فكتبوا كتابًا عامًا إلى منْ هو على مذهبهم (ومسلكهم) من أهل البصرة وغيرها وبعثوا به إليهم ليوافوهم إلى [ذلك] النهر ليكونوا يدًا واحدة على الناس، ثم خرجوا يتسللون وحدانًا لئلا يعلم أحد بهم فيمنعوهم (٧) من الخروج فخرجوا من بين الآباء والأمهات والأخوال والخالات (٨) وفارقوا سائر القرابات، يعتقدون بجهلهم وقلة علمهم (وعقلهم) أن هذا الأمر يرضي رب الأرض والسموات، ولم يعلموا أنه من أكبر الكبائر [والذنوب] الموبقات، (والعظائم والخطيئات)، وأنه مما زينه (٩) لهم إبليس (الشيطان الرجيم المطرود عن السموات، الذي نصب العداوة لأبينا آدم ثم لذريته ما دامت أرواحهم في أجسادهم مترددات، والله المسؤول أن يعصمنا منه بحوله وقوته إنه مجيب الدعوات)، وقد تدارك جماعة من الناس (١٠) بعض أولادهم وإخوانهم فردوهم وأنبوهم ووبخوهم (١١)، فمنهم من استمرّ على الاستقامة، ومنهم منْ فرَّ بعد ذلك (فلحق بالخوارج فخسر إلى يوم القيامة)، وذهب الباقون إلى ذلك الموضع ووافى إليهم منْ كانوا كتبوا (١٢) إليه من أهل البصرة وغيرها، واجتمع الجميع بالنهروان وصارت


(١) في أ: وسبق في قدره ذلك وما أحسن.
(٢) في أ: ثم يبعثوها.
(٣) في أ: ممن هو على ما هم عليه من أهل البصرة.
(٤) في أ: وسيمنعوها، وفيها مخالفة للسياق النحوي.
(٥) نهر جوخى: نهر عليه كورة واسعة في سواد بغداد، قالوا: ولم يكن ببغداد مثل كورة جوخى .. معجم البلدان (٢/ ١٧٩).
(٦) في أ: لئلا يشعر.
(٧) في أ: فيمنعونهم.
(٨) في أ: والأعمام والعمات.
(٩) في أ: بزينة.
(١٠) في أ: جماعة منهم.
(١١) في أ: أولادهم وقراباتهم وإخوانهم فردوهم ووبخوهم.
(١٢) في أ: من كاتبوه.