للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديثًا كثيرًا فأنساه، فقال: "ابسُطْ رداءَك" فَبسطتُه، ثم قال: "ضُمَّه" فضممتُه، فما نسيتُ حديثًا بعدُ. رواه البخاري (١).

وقال الإمام أحمد: حدَّثنا سفيان، عن الزُّهري، عن عبد الرحمن الأعرج قال: سمعت أبا هريرة يقول: إنكم تزعمون أنَّ أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول اللَّه واللَّهُ الموعِد، إني كنتُ امرأً مسكينًا أصحب رسول اللَّه على ملء بَطني، وكان المهاجرون يشغَلُهم الصَّفقُ في الأسواق، وكانت الأنصار يشغَلُهُم القيام على أموالهم، فحضرت من رسول اللَّه يومًا مجلسًا فقال: "من بسطَ رداءَهُ حتى أقضيَ مَقالتي ثم يقبضُه إليه فلن ينسى شيئًا سمعَه منِّي" فبسطتُ بردة عليَّ حتى قضى مقالتَه ثم قبضتُها إليّ، فوالذي نفسي بيده ما نسيتُ شيئًا سمعتُه منه (٢).

وقد رواه ابن وهب، عن يونس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة. وله طرق أُخر عنه.

وقد قيل: إن هذا كان خاصًا بتلك المقالة، لم ينس منها شيئًا، بدليل أنه نسي بعض الأحاديث كما هو مصرَّح به في الصحيح، حيث نسي حديث "لا عَدْوَى ولا طِيَرَة" مع حديثه "لا يُورِدُ مُمْرِضٌ على مُصِحٍّ" (٣). وقيل: إن هذا كان عامًّا في تلك المقالة وغيرها، واللَّه أعلم.

وقال الدَّراوردي: عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة أنه قال: يا رسول اللَّه مَنْ أسعدُ الناسِ بشفاعتِك يوم القيامة؟ فقال: "لقد ظننتُ -يا أبا هريرة- أنَّ أحدًا لا يسألُني عن هذا الحديث أولَ منك لما رأيتُ منْ حرصِكَ على الحديث. إنَّ أسعدَ الناسِ بشَفاعتي يوم القيامةِ مَنْ قال لا إلهَ إلَّا اللَّه خالصًا من قِبَلِ نفسِه" (٤).

ورواه البخاري (٥) من حديث عمرو بن أبي عمرو به.

وقال ابن أبي ذئب: عن سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة أنه قال: حفظتُ من رسول اللَّه وعاءَين: فأمّا أحدُهما فبثَثْتُه في الناس، وأمّا الآخر فلو بثَثْتُه لقُطِعَ هذا البلعوم. رواه البخاري (٦) من حديث ابن أبي ذئب. ورواه غير واحد عن أبي هريرة.


(١) رقم (١١٩) في العلم، باب حفظ العلم.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده (٢/ ٢٤٠) والبخاري رقم (٧٣٥٤) ومسلم (٢٤٩٢) (١٥٩).
(٣) أخرجه البخاري رقم (٥٧٧١) في الطب: باب لا هامة. . .، ومسلم (٢٢٢١) فى السلام: باب لا عدوى ولا طيرة. وأورده ابن القيم في زاد المعاد (٤/ ١٤٩) وفيه كلام مفيد.
(٤) رواه ابن أبي عاصم في السنة رقم (٨٢٥) وإسناده جيد.
(٥) رقم (٩٩) في العلم: باب الحرص على الحديث ورقم (٦٥٧٠) في الرقاق.
(٦) رقم (١٢٠) في العلم: باب حفظ العلم.