للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد اللَّه بن الزُّبَير، ومحمد بن عمار بن ياسر وغيرهم، ضربهم من الأربعين إلى الخمسين إلى الستين جَلْدة، وفرَّ منه عبد الرحمن بن عثمان التيمي، وعبد الرحمن بن عمر (١) بن سهل. . في أناس من مكة] ثم جاء العزم من يزيد إلى عمرو بن سعيد في تطلُّب ابن الزُّبَير، وأنه لا يقبل منه -وإن بايع- حتى يُؤتى به إليَّ في جامعة من ذهب أو فضة تحت بُرْنُسه، فلا تُرى إِلَّا أنه يسمع صوتها. وكان ابن الزُّبَير قد منع الحارث بن خالد المخزومي من أن يصلي بأهل مكة، وكان نائب عمرو بن سعيد عليها، فحينئذ صمَّم عمرو على تجهيز سريَّة إلى مكة بسبب ابن الزُّبَير، فاستشار عمرُو بنُ سعيد عمرَو بنَ الزُّبَير: من يصلح أن نبعثه إلى مكة لأجل قتاله؟ فقال له عمرو بن الزُّبَير: إنك لا تبعث إليه مَنْ هو أنكى له منِّي، فعيَّنه على تلك السريَّة، وجعل على مقدمته أُنيس بن عمرو الأسلمي في سبعمئة مقاتل. -وقال الواقدي: إنما عيَّنهما يزيد بن معاوية نفسُه، وبعث بذلك إلى عمرو بن سعيد- فعسكر أُنيس بالجُرْف. وأشار مروان بن الحكم على عمرو بن سعيد أن لا يغزوَ مكة، وأن يتركَ ابن الزُّبَير بها فإنه عما قليل إن لم يُقتل يمت. فقال أخوه عمرو بن الزُّبَير: واللَّه لنغزونَّه ولو في جوف الكعبة على رغم أنف من رَغِم. فقال مروان: واللَّه إن ذلك ليَسُوءني (٢). فسار أُنيس، واتبعه عمرو بن الزُّبَير في بقية الجيش -وكانوا ألفين- حتى نزل بالأَبطَح، وقيل: بداره عند الصفا، ونزل أُنيس بذي طوَى. فكان عمرو بن الزُّبَير يصلِّي بالناس، ويصلي وراءه أخوه عبد اللَّه بن الزُّبَير، وأرسل عمرو إلى أخيه يقول له: برَّ يمينَ الخليفة، وأْتِهِ وفي عنقك جامعةٌ من ذهب أو فضة، ولا تدع الناس يضرب بعضهم بعضًا، واتَقِ اللَّه فإنك في بلد حرام. فأرسل عبد اللَّه يقول لأخيه: موعدك المسجد. وبعث عبدُ اللَّه بن الزُّبَير عبدَ اللَّه بن صفوان بن أمية في سريَّة، فاقتتلوا مع أُنيس بن عمرو (٣) الأسلمي، فهزموا أُنيسًا هزيمة قبيحة، وتفرَّق عن عمرو بن الزُّبَير أصحابه، ودخل (٤) عمرو إلى دار ابن علقمة، فأجاره أخوه عبيدة بن الزُّبَير، فلأمه أخوه عبد اللَّه بن الزُّبَير وقال: تجير مِن حقوق الناس (٥)؟! ثم ضربه بكل من ضرب بالمدينة إلَّا المنذر بن الزُّبَير وابنه فإنهما أبيا أن يَسْتقيدا من عمرو، وسجنه ومعه عارم، فسمِّي سجن عارم. وقد قيل: إن عمرو بن الزُّبَير مات تحت السِّياط، واللَّه أعلم.


(١) تحرف في أ إلى: عمير. والخبر في تاريخ الطبري (٥/ ٣٤٤) وما بين الحاصرتين ليس في ب وفيها بدلًا عنه: وجماعة من الأعيان.
(٢) كذا في أ وب وم، ومثله في تاريخ الطبري. ووقعت في المطبوع: ليسرني.
(٣) في ط: "عمرو بن أنيس" مقلوب.
(٤) في ط: "وهرب"، وما هنا من م وهو الموافق لما في تاريخ الطبري (٥/ ٣٤٥).
(٥) في ط: "تجير مَن في عنقه حقوق الناس" وما هنا من م وهو الأصح لموافقته تاريخ الطبري (٥/ ٣٤٥).