للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الواقدي (١): وفي هذه السنة وقع بمصر طاعون هلك فيه خلق كثير من أهلها، وفيها ضرب الدنانير عبد العزيز بن مروان بمصر، وهو أول من ضربها [بها] (٢).

قال صاحب مرآة الزمان (٣): إن في هذه السنة ابتدأ عبد الملك بن مروان ببناء القبة على صخرة بيت المقدس وعمارة الجامع الأقصى، وكملت عمارته في سنة ثلاث وسبعين، وكان السبب في ذلك أن عبد اللَّه بن الزبير كان قد استولى على مكة، وكان يخطب في أيام منى وعرفة، ومقام الناس بمكة، وينال من عبد الملك ويذكر مساوئ بني مروان، ويقول: إن النبي لعن الحكم وما نسل (٤)، وأنه طريد رسول اللَّه ولعينه، وكان يدعو إلى نفسه، وكان فصيحًا، فمال معظم أهل الشام إليه، وبلغ ذلك عبد الملك فمنع الناس من الحج فضجوا، فبنى القبة على الصخرة والجامع الأقصى ليشغلهم بذلك عن الحج [ويستعطف قلوبهم] وكانوا يقفون عند الصخرة ويطوفون حولها كما يطوفون حول الكعبة. وينحرون يوم العيد ويحلقون رؤوسهم [ففتح بذلك على نفسه بأن شنع ابن الزبير عليه] وكان يشنع عليه بمكة ويقول: ضاهى بها فعل [الأكاسرة في] إيوان كسرى، والخضراء، كما فعل معاوية، ونقل الطواف من بيت اللَّه إلى قبلة بني إسرائيل ونحو ذلك (٥). ولما أراد عبد الملك بناءها سار من دمشق إلى بيت المقدس ومعه الأموال والعمال، ووكل بالعمل رجاء بن حيوة (٦) ويزيد بن سلام مولاة (٧)، وجمع الصناع والمهندسين وأمرهم فصوروا له القبة في صحن المسجد، فأعجبه، وبنى للمال بيتًا في شرقي القبة وشحنه بالمال (٨)، وأمر رجاء بن حيوة ويزيد أن يفرغا المال إفراغًا ولا يتوقفا في شيء. فبنوا القبة التي هي اليوم قائمة، وبنوا من ناحية القبلة سبع محاريب عليها سبع قباب (٩) والقبة التي باقية اليوم على المحراب هي أوسطها ولما تم بناء القبة عمل لها جلالين، أحدهما من لبُّود (١٠) أحمر للشتاء، والآخر


(١) تاريخ خليفة (٢٦٣) وتاريخ الإسلام للذهبي (٥/ ٥٣) طبعة دار الكتاب العربي.
(٢) في تاريخ الإسلام: وهو أول من ضربها في الإسلام.
(٣) هو يوسف بن قُزْغُلي بن عبد اللَّه، أبو المظفر، شمس الدين سبط أبي الفرج بن الجوزي [٥٨١ - ٦٥٤] مؤرخ، من الكتاب الوعاظ، ولد ونشأ ببغداد ثم انتقل إلى دمشق فاستوطنها وتوفي فيها. من كتبه: "مرآة الزمان في تاريخ الأعيان" ولم أجد ما نقل في المطبوع منه.
(٤) يشير المصنف إلى حديث: "إذا بلغ بنو الحكم ثلاثين رجلًا اتخذوا آيات اللَّه بينهم دولًا، وعباد اللَّه خولًا، وكتابه دغلًا، فإذا بلغوا تسعة وتسعين وأربعمئة كان هلاكهم أسرع من الثمرة" رواه الطبراني (١٢٩٨٢) وغيره، وهو حديث حسن، ورواه من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وأبي ذر الغفاري، ومعاوية بن أبي سفيان، وانظر حديث أبي هريرة في مسند أبي يعلى رقم (٦٥٢٣) فهو به حسن.
(٥) من قوله: ونقل الطواف. . إلى هنا ساقط من ط.
(٦) في الأنس الجليل: وكان من العلماء الأعلام ومن جلساء عمر بن عبد العزيز .
(٧) في الأنس الجليل: وهو من أهل بيت المقدس.
(٨) في الأنس الجليل (٢/ ٢٧٢): وأرصد للعمارة مالًا كثيرًا يقال: إن خراج مصر سبع سنين، ووضعه بالقبة الكائنة أمام الصخرة من جهة الشرق بعد أن أمر ببنائها، وهي من جهة الزيتون وجعلها حاصلا وشحنها بالأموال.
(٩) مكانها في ط: وفرشاها بالرخام الملون.
(١٠) تحرفت في ط إلى: اليود. واللبود: صوف متداخل ولازق بعضه ببعض. القاموس (لبد).