للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والطائف عام ثمان، وقيل: كان في سنة تسع وحجة الوداع سنة عشر، وصحب النبي حينئذ ولزمه، وأخذ عنه وحفظ وضبط الأقوال والأفعال والأحوال، وأخذ عن الصحابة علمًا عظيمًا مع الفهم الثاقب، والبلاغة والفصاحة والجمال والملاحة، والأصالة والبيان، ودعا له رسول الرحمن ، كما وردت به الأحاديث الثابتة الأركان، عند الأئمة الحفاظ المرضيين أنه "دعا له بأن يعلمه التأويل، وأن يفقهه في الدين".

قال الزبير بن بكار (١): حدَّثني ساعدة بن عبيد اللَّه المزني، عن داود بن عطاء، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر أنه قال: إن عمر كان يدعو عبد اللَّه بن عباس فيقرِّبه ويقول: إني رأيت رسول اللَّه دعاك يومًا فمسح رأسك وتفل في فيك وقال: "اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل". وبه أن رسول اللَّه قال: "اللهم بارك فيه وانشر منه".

وقال حماد بن سلمة: عن عبد اللَّه بن عثمان بن خُثَيم (٢)، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. قال: بتُّ في بيت خالتي ميمونة فوضعت للنبي غسلًا، فقال: "من وضح هذا؟ " قالوا: عبد اللَّه بن عباس، فقال: "اللهم علمه التأويل، وفقهه في الدين". وقد رواه غير واحد (٣) عن ابن خُثَيم (٢) بنحوه.

وقال الإمام أحمد (٤): حدَّثنا عبد اللَّه بن بكر حدَّثنا حاتم بن أبي صغيرة (٥)، أبو يونس، عن عمرو بن دينار: أن كريبًا أخبره أن ابن عباس قال: أتيت رسول اللَّه من آخر الليل فصليت خلفه فأخذ بيدي فجَّرني فجعلني حذاءه، فلما أقبل رسول اللَّه على صلاته خنست فصلى رسول اللَّه فلما انصرف قال لي (٦): "ما شأني أجعلك حذائي (٧) فتخنس"؟ فقلت: يا رسول اللَّه أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول اللَّه الذي أعطاك اللَّه ﷿؟ قال: فأعجبته فدعا اللَّه لي أن يزيدني علمًا وفهمًا، قال: ثم رأيت رسول اللَّه نام حتى سمعته ينفُخُ (٨)، ثم أتاه بلال فقال: يا رسول اللَّه الصلاة، فقام فصلى ما أعاد وضوءًا.

وقال الإمام أحمد (٩) وغيره: حدَّثنا هاشم بن القاسم، حدَّثنا ورقاء، وسمعت عبيد اللَّه بن أبي يزيد يحدث عن ابن عباس قال: أتى رسولُ اللَّه الخلاءَ فوضعتُ له وَضُوءًا، فلما خرج قال:


(١) أخرجه البلاذري في "أنساب الأشراف" (٣/ ٣٧) وذكره الذهبي في السير (٣/ ٣٣٧).
(٢) في الأصل: خيثم، وهو خطأ.
(٣) رواه الإمام أحمد في مسنده (١/ ٢٦٦) وابن سعد في الطبقات (٢/ ٣٦٥) والبلاذري في أنساب الأشراف (٣/ ٢٨) والطبراني في المعجم الكبير (١٠٥٨٧) والحاكم في المستدرك (٣/ ٥٣٤) وصححه.
(٤) مسند الإمام أحمد (١/ ٣٣٠)، وهو حديث صحيح.
(٥) في ط: حدثنا عبد اللَّه بن بكر بن أبي صفرة؛ خطأ، والتصحيح من أ، ب ومسند أحمد.
(٦) في ط: "انصرف من صلاته قال"، وما أثبتناه من م ومسند أحمد.
(٧) في ط: "في حذائي"، وما أثبتناه من م ومسند أحمد.
(٨) في ط: "سمعت نفخه"، وما أثبتناه من م ومسند أحمد.
(٩) مسند الإمام أحمد (١/ ٣٢٧) بلفظ "اللهم فقهه" وأخرجه أحمد من طريق أخرى كاملًا باللفظ المذكور (١/ ٢٦٦).