للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ﴾ أي: ما احتجنا في الانتقام منهم إلى إنزال جُنْدٍ من السماء عليهم، هذا معنى ما رواه ابن إسحاق (١): عن بعض أصحابه، عن ابن مسعود.

وقال مجاهد وقتادة: وما أنزلَ عليهم جُنْدًا، أي: رسالةً أخرى. قال ابن جرير (٢): والأوَّلُ أولى. قلت: وأقوى. ولهذا قال: ﴿وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ﴾ أي: وما كنا نحتاجُ في الانتقام إلى هذا حين كذَّبوا رسلنا، وقتلوا وَليَّنا ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾.

قال المفسرون: بعثَ الله إليهم جبريلَ ، فأخذَ بعضادتي الباب الذي لبلدهم، ثم صاحَ بهم صيحةً واحدةً فإذا هم خامدون، أي: قد أُخمدتْ أصواتُهم، وسكنتْ حركاتُهم، ولم يبق منهم عينٌ تَطْرُفُ.

وهذا كلُّه مما يدلُّ على أن هذه القرية ليست أنطاكية، لأن هؤلاء أُهلكوا بتكذيبهم رسلَ الله إليهم، وأهل أنطاكية آمنوا واتَّبعوا رسلَ المسيح من الحواريِّين إليهم، فلهذا قيل: إن أنطاكية أوَّلُ مدينة آمنتْ بالمسيح.

فأما الحديث الذي رواه الطبراني: من حديث حسين الأشقر، عن سُفيان بن عُيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مُجاهد، عن ابن عبَّاس، عن النبي قال: "السَّبْقُ ثلاثة: فالسابق إلى موسى يُوشع بن نون، والسابقُ إلى عيسى صاحب يس، والسابق إلى محمد عليُّ بن أبي طالب" (٣) فإنه حديث لا يثبتُ، لأن حُسينًا هذا متروك وشيعيٌّ من الغلاة، وتفرده بهذا مما يدلُّ على ضعفه بالكليَّة، والله أعلم.


(١) أخرجه ابن جرير في التفسير (١٠/ ٤٣٧).
(٢) انظر تفسير ابن جرير الطبري (١٠/ ٤٣٧).
(٣) أخرجه الطبراني في الكبير (٢٢/ ١١١٥٢).