للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قيل إن سبب مرضه كان من أكل أربعمئة بيضة وسلتين من تين، فالله أعلم.

وذكر المفضّل (١) بن المهلّب أنه لبس في يوم جمعة حلّة صفراء، ثم نزعها ولبس بدلها حلّة خضراء، واعتم بعمامة خضراء، وجلس على فراش أخضر، وقد بسط ما حوله بالخضرة، ثم نظر في المرآة فأعجبه حسنه، وشمَّر عن ذراعيه وقال: أنا الخليفة الشاب (٢).

[وقيل: إنه كان ينظر في المرآة من فرقه إلى قدمه ويقول: أنا الملك الشاب] (٣).

وفي رواية أنه قال: كان محمد نبيًا، وكان أبو بكر صديقًا، وكان عمر فاروقًا، كان عثمان حييًا، وكان علي شجاعًا، وكان معاوية حليمًا، وكان يزيد صبورًا، وكان عبد الملك سائسًا، وكان الوليد جَبارًا، وأنا الملك الشاب. قالوا: فما حال عليه بعد ذلك شهر، وفي رواية جمعة، حتى مات (٤).

قالوا: ولما حم شرع يتوضأ فدعا بجارية فصبت عليه ماء الوضوء ثم أنشدته:

أنتَ نعمَ المتاعُ لو كنتَ تبقى … غيرَ أنْ لا بقاءَ للإنسانِ

أنتَ خلوٌ من العيوبِ ومما … يكره الناسُ غيرَ أنك فانِ (٥)

قالوا: صاح بها وقال: عزيتني في نفسي وصرفها، ثم أمر خاله الوليد بن القعقاع العبسي (٦) أن يصب عليه وقال: [من الكامل]

قرِّبْ وضوءكَ يا وليدُ فإنما … دنياكَ هذي بلغة (٧) ومتاع

[فقال الوليد] (٨):

فاعمل لنفسك في حياتكَ صالحًا … فالدهرُ فيهِ فرقةٌ وجماعُ


(١) في ط: الفضل؛ تحريف، وما أثبت موافق للطبري، والخبر فيه (٦/ ٥٤٦).
(٢) في الطبري: أنا الملك الفتي.
(٣) ما بين معكوفين زيادة من ط.
(٤) الرواية الأخيرة في تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٨١ - ١٠٠/ ص ٣٨٠) ومختصر تاريخ دمشق (١٠/ ١٧٩).
(٥) الأبيات في تاريخ الطبري (٦/ ٥٤٧) وليس فيه بقية القصة، وابن الأثير (٥/ ٣٧) مع اختصار في القصة، والبيت الثاني فيهما:
ليس فيما علمته فيك عيب … كان في الناس غير أنك فان
وفي الوفيات لابن خلكان (٢/ ٤٢١) ومختصر تاريخ دمشق (١٠/ ١٧٥):
ليس فيما بدا لنا منك عيب … عابه الناس غير أنك فان
(٦) في ط: العنسي؛ وما أثبت هو الصحيح لأن أخواله بنو عبس.
(٧) في تاريخ الإسلام: تَعِلّةٌ.
(٨) ما بينهما زيادة من مختصر تاريخ دمشق (١٠/ ١٧٩) حيث إن البيت الثاني قاله الوليد خال سليمان، وكذلك في تاريخ الإسلام.