للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشد غيره لكثيِّر عزَّة (١):

فما أحدثَ النأيُ الذي كانَ بيننا … سُلُوًّا ولا طولُ اجتماعٍ تقالِيا

وما زادني الواشونَ إلا صَبَابةً … ولا كثرةُ الناهينَ إلَّا تماديا

وقال كُثَيِّر أيضًا:

فقلتُ لها يا عزُّ كلُّ مصيبةٍ … إذا وُطِّنَتْ يومًا لها النفسُ ذَلَّتِ

هَنيئًا مَريئًا غيرَ داءٍ مخامرٍ … لِعَزَّةَ من أعراضِنا ما استحلَّتِ (٢)

وقال كُثير عزَّة أيضًا، وفيه حِكْمةٌ أيضًا:

ومنْ لا يُغمِّضْ عَيْنهُ عن صديقهِ … وعن بعضِ ما فيه يمُتْ وهْو عَاتبُ

ومن يتتبَّعْ جاهدًا كلَّ عَثْرةٍ … يَجِدْها ولا يَبْقَى له الدَّهْرَ صاحبُ (٣)

وذكروا أنَّ عزَّةَ بنت جميل بن حفص أحدِ بني حاجب بن عبد اللَّه بنِ غفَار، أمُّ عمرو الضَّمرِيَّة؛ وفدَتْ على عبدِ الملك بن مروان تشكو إليه ظُلامة، فقال: لا أقضيها لكِ حتى تنشديني شيئًا من شعره، فقالت: لا أحفظ لكثير شعرًا، لكني سمعتُهم يَحْكونَ عنه أنه قال فيَّ هذه الأبيات:

قَضَى كلُّ ذي دَيْنٍ علمتُ غَريمَهُ … وَعزَّةُ مَمْطُولٌ معنَّى غَريمُها (٤)

فقال: ليس عن هذا أسألكِ ولكنْ أنشديني قوله:

وقد زعمتْ أني تغيَّرْتُ بعدَها … ومَنْ ذا الذي يا عَزُّ لا يتغيَّرُ

تغيَّر جِسْمي والخليقةُ كالذي … عَهِدْتِ ولمْ يُخْبَرْ بسِرِّكِ مخبَرُ (٥)

قال فاستحيَتْ وقالتْ: أما هذا فلا أحفَظُه، ولكنْ سمعتُهم يحكونهُ عنهُ، ولكنْ أحفظُ له قولَه:

كأنِّي أُنادي صخرةً حينَ أعرَضَتْ … منَ الصُّمِّ لو تمشي بها العُصْمُ زلَّتِ

صَفُوحٌ فما تلقاكَ إلا بَخيلةً … ومنْ ملَّ منها ذلكَ الوَصْلَ مَلَّت (٦)


(١) كذا في الأصول، والشعر لجميل بثينة، والبيتان من قصيدة له فيها في ديوانه ص (٤٧). وكذلك رواهما صاحب الأغاني (٨/ ١٣٤) وعزاهما لجميل أيضًا، وكذا في ديوان الحماسة (٢/ ١٢٩).
(٢) البيتان من قصيدة في ديوان كثير ص (٥٤) والأغاني (٩/ ٣٨).
(٣) البيتان من قصيدة في ديوان كثير ص (٣١)؛ وذكرهما صاحب جمهرة الأمثال (٢/ ٥٦).
(٤) البيت من قصيدة في ديوان كثير ص (٢٠٥).
(٥) البيتان من قصيدة في ديوان كثير ص (١٠٠)، وقد صحفت في (ق) بعض ألفاظهما فأثبتنا ما جاء في (ب، ح) وديوان كثير، والأغاني (٩/ ٣٦).
(٦) البيتان من قصيدة في ديوان كثير ص ٥٤ على خلاف في ألفاظ الشطر الأخير من البيت الثاني، وفي الأغاني (٩/ ٣٦ و ٣٨) موافق لما هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>