للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال فقَضَى لها حاجتَها وردَّها وَردَّ عليها ظُلامتها وقال: أدْخِلُوها على الحُرَم ليتعلَّموا من أدبها (١).

ورُوي عن بعض نساءِ العرب قالت: اجتازتْ بنا عزَّة، فاجتمع نساءُ الحاضر إليها لينظُرْنَ حُسْنها، فإذا هي حُميراء، حلوةٌ لطيفة؛ فلم تقعْ من النساءَ بذاك الموقع، حتى تكلَّمَتْ، فإذا هي أبرَعُ النساءَ وأحلاهنَ حديثًا، فما بقيَ في أعيينا امرأةٌ تفوقُها حسنًا وجمالًا وحلاوةً.

وذكر الأصمعيُّ عن سفيانَ بن عُيَينة، قال: دخلتْ عزَّةُ على سُكينةَ بنتِ الحسين فقالتْ لها: إني أسألُكِ عن شيء فاصدُقيني، ما الذي أراد كُثَيِّرٌ في قوله لك:

قَضَى كُلُّ ذي دَيْنٍ فَوَفَّى غَريمهُ … وعَزَّةُ مَمْطولٌ مُعنَّى غَريمُها

فقالتْ: كنتُ وعدتُه قُبْلةً فمطلْتُه بها، فقالت: أنجزيها له وإثمها عليَّ (٢).

وقد [كانتْ سُكينةُ بنتُ الحسين من أحسنِ النساء، حتى كان يُضربُ بحُسْنها المَثَل] (٣).

ورُوي أنَّ أُمَّ البنين أخت عمر بن عبد العزيز قالت لها مثل هذا سواء. واللّه أعلم. وروي أنَّ عبدَ الملك بن مروان أراد أن يزوِّج كثيرًا من عَزَّة، فأبتْ عليه وقالتْ: يا أميرَ المؤمنين أبعدَ ما فَضَحني بين الناس وشهرني في العرب؟ وامتنعتْ من ذلك كلَّ الامتناع! رواه ابن عساكر (٤).

وروى (٥) أنها اجتازَتْ مرَّةً بكُثَيِّر وهو لا يعرفُها فتنكَّرتْ عليه وأرادَتْ أن تختبر ما عندَه. فتعرَّض لها، فقالتْ: فأين حُبُّك عَزَّة؟ فقال: أنا لك الفِدَاء، لو أنَّ عزَّةَ أمةٌ لي لوهبتُها لك. فقالتْ: وَيْحكَ، لا تفعلْ، ألستَ القائل:

إذا وصلتْنا خُلَّةٌ كي تُزيلنا … أبَيْنا وقُلْنا الحاجِبيَّةُ أوَّلُ؟

فقال: بأبي أنتِ وأُمي، أقصِرِي عن ذكرِها واسمعي ما أقول:

هل وصلُ عزَّةَ إلَّا وصلُ غانيةٍ … في وصلِ غانيةٍ منْ وَصْلِها بدَلُ (٦)

قالت: فهل لك في المجالسة؟ قال: ومنْ لي بذلك؟ قالت: فكيف بما قلتَ في عزَّة؟ قال: أقلِبُه فيتحَّولُ لكِ. قال فسفَرتْ عن وجْهِها وقالت: أغدْرًا وتنكاثًا يا فاسق، وإنَّك لها هنا يا عدوَّ اللَّه،


(١) أخرج الخبر أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني (٩/ ٣٥ - ٣٨) بألفاظ مقاربة.
(٢) أخرجه ابن عساكر (المختصر لابن منظور (٢٠/ ١٨٩)) وأبو الفرج في الأغاني (٩/ ٣٦) بنحوه.
(٣) ما بين معقوفين زيادة من النسخة (ق).
(٤) في ترجمة عزة، انظر مختصره لابن منظور (٢٠/ ١٨٨) وهو بتحقيقي.
(٥) يعني ابن عساكر في تاريخه انظر المصدر السابق ص (١٨٩).
(٦) البيت في ديوان كثير ص (٥١٦) وتروى قافيته "خلف"، انظر الديوان ص (٥٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>