وقال في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧ - ٨]: منْ يعملْ مثقالَ ذرَّةٍ خيرًا من كافرٍ يرى ثوابَها في نفسِهِ وأهلِه ومالِه حتى يخرجَ من الدنيا وليس له خير؛ ومنْ يعمل مثقالَ ذرة شرًا يرَه، من مؤمن يرى عقوبتها في نفسه وأهله وماله حتى يخرجَ من الدنيا وليس له شرّ (أخرجه الطبري في تفسيره (٣٠/ ٢٦٨)، وأبو نعيم في الحلية (٣/ ٢١٣).). وقال: ما يؤمنني أنْ يكونَ اللَّه قدِ اطلع عليَّ في بعض ما يكره فمقتنَي، وقال: اذهبْ لا أغفرُ لك؛ معَ أنَّ عجائبَ القرآن تَرِدُني على أمور، حتى إنه لينقضي الليلُ ولم أفرُغْ من حاجتي (أخرجه أبو نعيم في الحلية (٣/ ٢١٤)، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (٥/ ٦٥، ٦٦).). وكتب عُمر بن عبد العزيز إلى محمد بن كعب يسألُه أنْ يبيعَه غلامه سالمًا - وكان عابدًا خيرًا زاهدًا - فكتب إليه: إني قد دَبَّرْتُه (دَبَّرَ العَبْدَ: أعتقه بعد الموت.)، قال: فأزُرْنيهِ (في (ق): "فازدد فيه"، والمثبت من الحلية (٥/ ٣٢٩)، وأزرنيه: من الزيارة.)، فأتاه سالم فقال له عمر: إني قد ابتُليتُ بما تَرَى، وأنا والله أتخوَّفُ أنْ لا أنجو. فقال له سالم: إنْ كنتَ كما تقول فهي نجاتُك، وإلا فهو الأمرُ الذي تخاف. قال: يا سالم، عِظْني، قال: آدمُ ﵇ أخطأ خطيئة واحدةً خرج بها من الجنة، وأنتم مع عَملِ الخطايا ترجونَ دخولَ الجنة. ثم سكت (أخرجه أبو نعيم في الحلية (٣/ ٢١٤ و ٥/ ٣٢٩).). قلتُ: والأمر كما قيل في بعض كتب اللَّه: تزرعون السيئات وترجونَ الحسنات، لا يُجتنى من الشَّوك العنب. تَصِلُ الذنوبَ إلى الذنوبِ وتَرْتَجِي … دَرَجَ الجنانِ وطِيبَ عيشِ العابدِ ونَسيتَ أنَّ اللهَ أخرجَ اَدمًا … منْها إلى الدنيا بذنْبٍ واحِدِ (ذكره المؤلف في تفسيره (١/ ٨٢) وقبل البيتين: يا ناظرًا يرنو بعيني راقدِ … ومشاهدًا للأمر غير مشاهدِ) وقال: منْ قرأ القرآنَ مُتِّع بعقْلِهِ وإنْ بلَغَ من العمر مئتي سنة (ذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة (٢/ ١٣٣).). وقال له رجل: ما تقولُ في التوبة؟ قال: لا أُحِسنها، قال: أفرأيت إن أعطيتَ اللَّه عهدًا أنْ لا تعصيَه أبدًا؟ قال: فمنْ أعظمُ جُرْمًا منك؟ تتألَّى على اللَّه أن لا يُنْفذ فيك أمرَه! وقال الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني: حدّثنا ابنُ عبدِ العزيز، حدّثنا أبو عُبيد القاسمُ بن سلَّام، حدّثنا عبَّاد بن عباد، عن هشام بن زياد أبي المِقْدام، قالوا كلُّهم: حدّثنا محمد بن كعب القُرَظي قال: حدّثنا ابن عباس، أنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قال: "منْ أحبَّ أنْ يكونَ أغنى الناس فليْكُنْ بما في يدِ اللَّه أوثقَ ممَّا في يده؟ ألا أُنبئُكم بشرارِكم"؟ قالوا: نَعَمْ يا رسولَ اللَّه. قال: "منْ نزَلَ وحدَه، ومنَعَ رِفْدَه، وجَلَدَ عبدَه؛ أفأنبئُكم بِشَرٍّ من هذا"؟ قالوا: نَعَمْ يا رسولَ الله. قال: "منْ لا يُقيلُ عَثْرةً ولا يقبَلُ معذرَةً، ولا يغفرُ ذنبًا". ثم قال: "ألا أنبِئُكم بشرٍّ منْ هذا"؟ قالوا: نعم يا رسول اللَّه. قال: "مَنْ لا يُرْجَى خَيْرُه، ولا يُؤمنُ شرُّه؛ إنَّ عيسى بن مرِيم قام في بني إسرائيلَ خطيبًا فقال: يا بني إسرائيل، لا تكلَّموا بالحِكْمةِ عند الجُهَّال فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموها - وقال مرَّةً فتظلموهُمْ - ولا تظلموا ظالمًا، ولا تكافئوا (في (ق): "ولا تطاولوا"، تصحيف، والمثبت من الحلية ومصادر التخريج.) ظالمًا فيبطُلَ فَضْلُكم عند ربِّكُمْ، يا بني إسرائيل، الأمورُ ثلاثة، أمْرٌ تبيَّنَ رُشْدُه فاتَّبعوه، وأمرٌ تبيَّن غِيُّه فاجتنبوه، وأمْرٌ اختُلِف فيه فردُّوه إلى اللَّه". وهذه الألفاظُ لا تحفظ عن النبي ﷺ =