للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أنسٌ مرَّةً: إني لأغبِطُ أهلَ البصرةِ بهذَيْنِ الشيخَيْن: الحسَنِ وابنِ سيرين.

وقال قتادة: ما جالستُ رجلًا فقيهًا إلَّا رأيتُ فضلَ الحسَنِ عليه.

وقال أيضًا: ما رأت عيناي أفقهَ من الحسن.

وقال أيوب: كان الرجلُ يجالسُ الحسنَ ثلاثَ حِجَجٍ ما يسألُه عن مسالةٍ هيبةً له.

وقال الشعبيُّ لرجلٍ يريدُ قدومَ البصرة: إذا نظرتَ إلى رجلٍ أجملِ أهلِ البصرةِ، وأهْيَبِهم فهو الحسن؛ فأقرئهُ مني السلام.

وقال يونس بن عُبيد: كان الرجلُ إذا نظرَ إلى الحسنِ انتفَعَ بهِ وإنْ لم يرَ عملَه، ولم يسمعْ كلامَه.

وقال الأعمش: ما زال الحسنُ يعي الحكمةَ نطق بها.

وكان أبو جعفر إذا ذكرَهُ يقول: ذاك الذي يُشبه كلامُهُ كلامَ الأنبياء.

وقال محمد بن سعد (١): قالوا: كان الحسنُ جامعًا للعلم والعمل، عالمًا رفيعًا فقيهًا ثقةً مأمونًا، عابدًا زاهدًا ناسكًا، كثيرَ العلمِ والعمل، فصيحًا، جميلًا، وسيمًا، وقدمَ مكة (٢)، فأُجلس على سرير، وجلس العلماء حولَه، واجتمع الناسُ إليه فحدَّثهم. وكان فيهم مجاهد، وعطاء، وطاوس، وعمرو بن شعيب، فقالوا: لم نر مثل هذا قط.

قال أهل التاريخ: مات الحسنُ عن ثمانٍ وثمانينَ سنة، عامَ عشرٍ ومئة، في مستهلِّ رجبٍ منها، بينه وبين محمد بن سيرين مئة يوم.

وأما: ابنُ سيرين (٣): فهو محمد بن سيرين، أبو بكر بن أبي عمرو الأنصاري مولى أنس بن مالك النَّضْريّ. كان أبو محمد من سَبْي عينِ التَّمْر، أسرَهُ خالد بن الوليد في جملةِ السَّبْي، فاشتراه أنسٌ ثم كاتبه، ثم وُلد له من الأولاد الأخيار جماعةٌ: محمد هذا، وأنس بن سيرين، ومعبد،


(١) في الطبقات الكبرى (٧/ ١٥٧).
(٢) زاد ابن سعد هناك "وكان ما أسند من حديثه وروى عمن سمع منه فحسنٌ حُجَّة؛ وما أرسل من الحديث فليس بحُجَّة".
(٣) ترجمته في: طبقات ابن سعد (٧/ ١٩٣)، الزهد لأحمد بن حنبل ص (٤٣٠)، تاريخ خليفة ص (١١٨، ٣٤٠)، طبقات خليفة ص (٢١٠)، المعارف (٤٤٢)، التاريخ الكبير (١/ ٩٠)، أخبار القضاة لوكيع (٢/ ٣٢٦)، الجرح والتعديل (٧/ ٢٨٠)، الثقات لابن حبان (٥/ ٣٤٨)، حلية الأولياء (٢/ ٢٦٣)، تاريخ بغداد (٥/ ٣٣١)، صفة الصفوة (٣/ ٢٤١)، المختار من مناقب الأخيار (٤/ ٣٧٧)، تهذيب الأسماء واللغات (١/ ٨٢)، وفيات الأعيان (٤/ ١٨١)، مختصر تاريخ دمشق (٢٢/ ٢١٧)، تهذيب الكمال (٢٥/ ٣٤٤)، سير أعلام النبلاء (٤/ ٦٠٦)، تذكرة الحفاظ (١/ ٧٣)، مرآة الجنان (١/ ٢٣٢)، الوافي بالوفيات (٣/ ١٤٦)، طبقات الشعراني (١/ ٣٦)، الكواكب الدرية (١/ ٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>