وقال الحسن: ما أيقنَ عبدٌ بالجنةِ والنارِ حقَّ يقينِهما إلَّا خشَعَ وذَبُل، واستقام واقتصد، حتى يأتيَهُ الموت. وقال: باليقين طلبتُ الجنة، وباليقين هربتُ من النار، وباليقينِ أدَّيتُ الفرائضَ على أكمل وجهها، وباليقين أصبرُ على الحقّ، وفي معافاةِ اللهِ خيرٌ كثير، قد والله رأيناهم يتعاونونَ في العافية، فإذا نزل البلاء تفارقوا. وقال: الناسُ في العافية سواء. فإذا نزل البلاءُ تبيَّنَ عنده الرجال. وفي رواية: فإذا نزل البلاء تبيَّنَ مَنْ يعبُد الله وغيره. وفي رواية: فإذا نزل البلاء سكنَ المؤمن إلى إيمانه، والمنافق إلى نفاقه. وقال الفِرْيَابي في "فضائل القرآن": حدثنا عبد الله بن المبارك أخبرنا معمر، عن يحيى بن المختار، عن الحسن قال: إن هذا القرآن قد قرأهُ عَبيدٌ وصِبْيان، لا علمَ لهم بتأويله، لم يأتوا الأمر من قبل أوله؛ قال الله ﷿: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [ص: ٢٩]. وما تدبُّرُ آياتِهِ إلا اتباعُه، أما والله ما هو بحِفْظِ حروفِهِ وإضاعةِ حدودِه، حتى إن أحدَهم ليقول: قد قرأتُ القرآنَ كلَّه، فما أسقط منه حرفًا واحدًا. وقد والله أسقطَهُ كلَّه، ما يرى له القرآن في خُلُقٍ ولا عمل، حتى إنَّ أحدَهم ليقول: والله إني لأقرأ السورةَ في نفَسٍ، لا والله ما هؤلاءِ بالقرَّاء ولا بالعلماء ولا الحكماء ولا الورَعَة. ومتى كانتِ القراءةُ هكذا - أو يقول مثل هذا - لا أكثرَ الله في الناس مثلَ هؤلاء (أخرجه عبد الله بن المبارك في الزهد ص (٢٧٤) برقم (٧٩٣)، وأبو بكر البيهقي في شعب الإيمان (٢/ ٥٤١) برقم (٢٦٥٣).). ثم روى الحسن عن جُنْدَب، قال: قال لنا حذيفة: هل تخافونَ من شيء؟ قال: قلتُ والله إنَّك وأصحابَكَ لأهوَنُ الناسِ عندنا. فقال: أمَا والذي نفسي بيده، لا تؤتَوْنَ إلا من قِبَلنا ومع ذلك نَشءٌ آخر يقرؤون القرآن، يكونون في آَخر هذه الأمَّة ينثرونه نَثْرَ الدَّقَل (الدَّقَلُ: أردأ التمر.)، لا يجاوزُ تراقيَهم تسبقُ قراءتُهم إيمانَهم (أخرج البخاري في التاريخ الكبير (٤/ ٣٠١) في ترجمة صلت بن مهران، بإسناده إلى معتمر: سمعت أبي عن قتادة عن الحسن عن جندب بلغه عن حذيفة أو سمعه عن النبي ﷺ ذكر ناسًا يقرؤون القرآن ينثرونه نثر الدقل يتأولونه على غير تأويله. وقال موسى: حدّثنا حماد أنبأنا يونس عن الحسن عن جندب عن حذيفة قوله بهذا. وقال: ابن أبي الأسود حدّثنا ابن علية عن يونس بهذا. اهـ.). وروى ابنُ أبي الدنيا عنه في "ذم الغيبة" له قال: والله لَلْغِيبةُ أسرعُ في دينِ المؤمن من الأكلة في جسده (ذكره الغزالي في إحياء علوم الدين (٣/ ١٤٣).). وكان يقول: ابنَ آدم، إنك لن تُصيبَ حقيقةَ الإيمانِ حتى لا تُصيبَ الناسَ بعَيبٍ هو فيك، وحتى تبدأ بصلاحِ ذلك العيب، فتصلحَهُ من نفسك، فإذا فعلتَ ذلك كان ذلك شغلك في طاعة نفسك وأحبُّ العباد إلى الله منْ كان هكذا (أخرجه أبو بكر بن أبي الدنيا في الصمت ص (١٣١) برقم (١٩٧) والبيهقي في شعب الإيمان (٥/ ٣١٢) برقم (٦٧٦٢)، وذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة (٣/ ٢٣٤)، والغزالي في إحياء علوم الدين (٣/ ١٤٣).). وقال الحسن: ليس بينك وبين الفاسق حُرْمة. وقال: ليس لمبتدع غِيبَة. وقال أصلت بن طريف: قلت للحسن: الرجل الفاجر المعلِنُ بفجوره ذِكري له بما فيه غِيبة؟ قال: لا ولا كرامة. وقال: إذا ظهرَ فجورُهُ فلا غِيبةَ =