للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وجبروته وكبرياءه وسلطانه وقدرته وملكه وربوبيَّته، فأنصَتَ كلُّ شيءٍ وأطرق له، فقال: أنا الملك لا إله إلا أنا، ذو الرحمة الواسعة، والأسماء الحسنى، أنا الله لا إله إلا أنا، ذو العرش المجيد، والأمثال العلا، أنا الله لا إله إلا أنا، ذو الطول والمنِّ والآلاء والكبرياء، أنا الله لا إله إلا أنا بديع السموات والأرض، ملأت كلَّ شيءٍ عظمتي، وقَهَر كلَّ شيء مُلكي، وأحاطت بكل شيءٍ قدرتي، وأحصى كل شيءٍ علمي، ووسعت كلَّ شيءٍ رحمتي، وبلغ كل شيءٍ لُطفي، فأنا الله يا معشر الخلائق فاعرفوا مكاني، فليس شيءٍ في السماوات والأرضين إلا أنا وخَلقي، كلهم لا يقومُ ولا يدومُ إلَّا بي، ويتقلَّبُ في قبضتي، ويعيش برزقي، وحياتُهُ وموته وبقاؤه وفناؤه بيدي، فليس له مَحِيص ولا ملجأ غيري، لو تخلَّيتُ عنه طرفة عينٍ لدُمِّر كُلُّه، وكنت أنا على حالي، لا ينقُصني ذلك شيئًا، ولا يُنقص ذلك ملكي شيئًا وأنا مستغنٍ بالعزِّ كلِّه في جبروتي وملكي، وبرهان نوري، وشديد بطشي، وعلوّ مكاني، وعظمة شأني، فلا شيء مثلي، ولا إله غيري، وليس ينبغي لشيءٍ خلقتُه أن يعدِلَ بي، ولا ينكرُني، وكيف ينكرني مَن خلقتُه يوم خلقتُه على معرفتي؟ أم كيف يكابرني من قهرَهُ ملكي؟ أم كيف يُعجزني مَن ناصيتُه بيدي؟ أم كيف يعدلُ بي من أُعمِّره وأسقمُ جسمَه، وأنقص عقلَه، وأتوفَّى نفسه، وأخلقه وأهرمه، فلا يمتنعُ مني؟ أم كيف يستنكفُ عن عبادتي عبدي وابنُ عبدي وابن أَمَتِي؟ ومَن لا ينسب إلى خالقٍ ولا وارثٍ غيري؟ أم كيف يعبدُ دوني من تُخلقه الأيام، ويُفنِي أجلَهُ اختلاف الليل والنهار، وهما شعبة يسيرة من سلطاني؟ فإليَّ إليَّ يا أهل الموت والفناء، لا إلى غيري، فإني كتبتُ الرحمةَ على نفسي، وقضيتُ العفوَ والمغفرة لمن استغفرني، أغفرُ الذنوب جميعًا صغيرَها وكبيرَها لمن استغفرني، ولا يكبُر ذلك عليَّ ولا يتعاظَمُني، فلا تلقوا بأيديكم إلى التهلُكة، ولا تقنَطُوا من رحمتي، فإن رحمتي سبقت غضَبي، وخزائن الخير كلُّها بيدي، ولم أخلق شيئًا مما خلقتُ لحاجةٍ كانت مني إليه، ولكن لأُبينَ به قدرتي وليَنظُر الناظرون في مُلكي، ويتدبَّروا حكمتي، وليسبِّحوا بحمدي، ويعبدوني لا يشركوا بي شيئًا، ولتَعنُو الوجوه كلُّها إليّ (أخرجه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٣٤، ٣٥) بالفاظ مقاربة.).
وقال أشرس عن وهب قال: قال داود: إلَهي أين أجدُك؟ قال: عندَ المنكَسِرة قلوبُهم من مخافتي (أخرجه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٣٢).).
وقال: كان رجل من بني إسرائيل صام سبعين أسبوعًا يُفطرُ في كلِّ أسبوع يومًا، وهو يسألُ الله أن يُريَهُ كيف يُغوي الشيطانُ الناس، فلما أن طال ذلك عليه، ولم يجب، قال في نفسه: لو أقبلتُ على خطيئتي وعلى ذنوبي وما بيني وبين ربِّي لكان خيرًا من هذا الأمر الذي أطلب. ثم أقبل على نفسه فقال: يا نفس، من قِبَلكِ أُتيتُ. لو علم الله فيك خيرًا لقضى حاجتك. فأرسل الله مَلَكًا إلى نبيهم أن قل لفلان العابد: إزراؤك على نفسِك، وكلامُك الذي تكلَّمت به أعجبُ إليِّ مما مضى من عبادتك، وقد أجاب الله سؤالك، وفتح بصرك فانظرِ الآن، فنظر فإذا أُحبولة لإبليسَ قد أحاطتْ بالأرض، وإذا ليس أحدً من بني آدم إلا وحوله شياطينُ مثلُ الذباب فقال: أي رب، ومن ينجو من هؤلاء؟ قال: صاحبُ القلبِ الوادِع اللَّيِّن (أخرجه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٣٢).).
وقال وهب: كان رجلٌ من السائحين، فأتى على أرضٍ فيها قِثاء، فدعَتهُ نفسُه إلى أخذ شيءٍ منه، فعاقبها، فقام مكانَهُ يُصَلي ثلاثة أيام، فمرَّ به رجل وقد لوَّحتهُ الشمسُ والريح، فلمّا نظر إليه قال: سبحان الله! لكأنَّما أُحرق هذا الإنسان بالنار. فقال السائح: هكذا بلغَ مني ما ترى خوفُ النار، فكيف بي لو دخلتُها؟ (أخرجه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٣٢).).
وقال: كان رجلٌ من الأولين أصاب ذنبًا فقال: للهِ عليَّ أن لا يُظلَّني سقفُ بيتٍ أبدًا حتى تأتيني براءةٌ من النار، =

<<  <  ج: ص:  >  >>