للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= عقيل بن مَعقل بن مُنبه، قال: سمعتُ عمي وهب بن منِّه يقول: يابُني، أخلص طاعة الله بسريرة ناصحة، يَصدُق بها فعلُكَ في العلانية، فإنَّ من فعلَ خيرًا ثم أسَرَّهُ إلى الله فقد أصابَ مَوَاضعَه، وأبلغهُ قراره، ووضعهُ عند حافظه، وإن من أسَرَّ عملًا صالحًا لم يَطَّلع عليه إلا الله، فقد اطَّلَع عليه مَن هو حَسْبُه، واستحفظه واستودعه حفيظًا لا يُضيع أجره. فلا تخافَنَّ يا بُني على مَن عَمِل صالحًا أسَرَّهُ إلى اللهِ ﷿ ضَيَاعًا، ولا تخافنَّ ظُلمَهُ ولا هَضمَه، ولا تظنَنَّ أنَّ العلانية هي أنجح من السريرة، فإن مثلَ العلانيةِ مع السريرة كمثَلِ ورق الشجر مع عِرقها، العلانيةُ وَرَقُها والسريرةُ عِرْقُها (في الأصل: (والسريرة أصلها) المثبت من الحلية.)، إن يُحرَقِ العِرق هلكت الشجرةُ كلُّها، وإن صَلَحَ الأصلُ صلَحت الشجرةُ ثَمَرها وورَقُها، والورقُ يأتي عليه حِينٌ يَجفُّ ويصيرُ هَبَاءً تَذروهُ الرياح، بخلافِ العِرق فإنه لا يزالُ ما ظهرَ من الشجرة في خير وعافية ما كان عِرقُها مستخفيًا لا يُرى منه شيء، كذلك الدين والعِلم والعمل، لا يزالُ صالحًا ما كان له سريرةٌ صالحة، يصدِّقُ الله بها علانية العبد، فإنَّ العلانية تنفعُ مع السريرة الصالحة، ولا تنفعُ العلانية مع السريرة الفاسدة، كما ينفعُ عرق الشجرة صلاحُ فَرعِها، وإن كان حياته من قِبَل عِرقِها، فإنَّ فَرعَها زينتُها وجمالُها، وإن كانت السريرةُ هي مِلاكُ الدين فإنَّ العلانية معها تُزَينُ الدين وتُجَملُهُ إذا عَمِلَها مؤمن لا يريدُ بها إلا رضاءَ ربِّهِ ﷿ (أخرجه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٦٩، ٧٠).).
وقال الهيثم بن جميل: حدثنا صالحٌ المُريّ، عن أبان، عن وَهب، قال: قرأتُ في الحكمة: الكُفرُ أربعةُ أركان، رُكنٌ منه الغضَب، وركنٌ منه الشهوة، وركنٌ منه الطمع، وركن منه الخَوْف (الحلية (٤/ ٧٠).).
وقال: أوحى الله تعالى إلى موسى: إذا دعوتني فكن خائفًا مشفقًا وَجِلًا، وعَفِّر خَدَّكَ بالتراب، واسجُد لي بمكارم وجهك ويديك، وسلني حين تسألني بخشيةٍ من قلبكَ ووَجَل. واخشَنِي أيامَ الحياة، وعلِّمِ الجُهَّالَ آلائي، وقل لعبَادي لا يتمادَوا في غِيِّ ما هُم فيه، فإنَّ أخذي أليم شَدِيد (المصدر السابق.).
وقال وهب: إذا هَمَّ الوالي بالجَور، أو عَمِل به، دخل النقصُ على أهلِ مملكته، وقلَّتِ البركاتُ في التجارات والزراعاتِ والضروع والمواشي، ودخلَ المَحقُ في ذلك، وأدخل الله عليه الذُل في ذاته وفي مُلكه، وإذا همَّ بالعدلِ والخير كان عَكس ذلك من كثرةِ الخير، ونُموِّ البركات.
وقال وهب: كان في مصحف (كذا في (ق)، وفي مصادر التخريج (صحف)، وهو أشبه بالصواب.) إبراهيم : أيها المَلِك المبتلَى إني لم أبعثكَ لتجمعَ الدنيا بعضها على بعض، ولا لتَبنيَ البنيان، وإنَّما بعثتُكَ لترفعَ لي دعوةَ المظلوم، فإني لا أرُدُّها ولو كانت من كافر (وقد جاء هذا المعنى في حديث مرفوع رواه أحمد في المسند (٣/ ١٥٣) من حديث أنس بلفظ "اتقوا دعوة المظلوم، وإن كان كافرًا، فإنه ليس دونها حجاب" وفي إسناده ضعف.).
وروى ابنُ أبي الدنيا عن محمد بن إسحاق، عن وهب بن منبِّه، أنَّ ذا القرنين قال لبعض الملوك: ما بالُ مِلَّتِكم واحدة، وطريقتُكم مستقيمة؟ قال: من قِبَلِ أنَّا لا نُخَادعُ ولا يغتابُ بعضُنا بعضًا.
وروى ابنُ أبي الدنيا عنه، أنه قال: ثلاثٌ من كُنَّ فيه أصاب البِرّ، سخاوةُ النفس، والصبرُ على الأذى، وطِيبُ الكلام (أخرجه أبو نعيم في الحلية (١٠/ ٤٧).).
وقال ابنُ أبي الدنيا (في كتابه الصمت ص (٣١١).): حدثني سلمة بن شبيب، حدثنا سهل بن عاصم بن سلمة بن ميمون، عن المعافى بن عمران، عن إدريس، قال: سمعتُ وهبًا يقول: كان في بني إسرائيل رجلان، بلغَت بهما عبادتُهما أنَّهما مشيَا على الماء، فبينما هما يمشيان على البحر، إذا هما برجل يمشي في الهواء، فقالا =

<<  <  ج: ص:  >  >>