للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: لم أعرِفْكَ وقد جلستَ إلينا بثيابِ السُّوقة، وكلَّمتَنا بكلامِ الأشراف فلم نحتمِلْ ذلك.

وقال يعقوبُ بن سفيان: حَدَّثَنَا نعيم بن حمّاد، حَدَّثَنَا ضَمْرَة، عن ابن شَوْذَب، قال: كان يقال: يُولدُ في كلِّ مئةِ سنةٍ رجلٌ تامُّ العَقْل. فكانوا يرَوْنَ أنَّ إياسَ بن معاويةَ منهم.

وقال العِجْليّ: دخل على إياس ثلاثُ نِسْوة، فلما رآهنَّ قال: أمَّا إحداهنَّ فمُرْضِع، والأخرى بِكْر، والأخرى ثيِّب. فقيل له: بمَ علمتَ هذا؟ فقال: أمَّا المُرضع فكلما قعدَتْ أمسكتْ ثديَها بيدِها، وأمَّا البِكْر فكلَّما دخلتْ لم تلتفتْ إلى أحد، وأَمَّا الثَّيِّبُ فكلَّما دخلتْ نظرَتْ ورَمَتْ بعينها.

وقال يونس بن حَبيب (١): حَدَّثَنَا الأحنفُ بن حَكيم بأصبهان، حَدَّثَنَا حماد بن سَلَمة: سمعتُ إياسَ بنَ معاوية يقول: أعرفُ الليلةَ التي وُلدتُ فيها، وضعَتْ أُمِّي على رأسي جَفْنة.

وقال المدائني: قال إياسُ بنِ معاويةَ لأُمِّه: ما شيءٌ سمعتُهُ وأنا صغير، وله جَلَبةٌ شديدة؟ قالت: ذاك طَسْتٌ من نُحاس، سقطَ من فوْقِ الدَّارِ إلى أسفل، ففَزِعْتُ فوضعتُكَ تلكَ الساعة.

وقال أبو بكر الخرائطي عن عمر بن شَبَّةَ النُّمَيْري، قال: بلغني أنَّ إياسًا قال: ما يَسُرُّني أنْ أكذب كَذْبَةً يَطَّلِعُ عليها أبي معاوية لا أحاسبُ عليها يوم القيامة، وأنَّ الدنيا لي بحذافيرها.

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حَدَّثَنَا خلف بن هشام، حَدَّثَنَا حمّاد بن زيد، عن حبيب بن الشهيد، عن إياس بن معاوية قال: ما خاصمتُ أحدًا من أهلِ الأهواء بعَقْلي كُلِّه، إلَّا القدَرِيَّة، قلتُ لهم: أخبروني عن الظلم ما هو؟ قالوا: أخذُ الإنسانِ ما ليس له. قلت: فإنَّ اللّه له كلُّ شيء.

قال بعضُهم عن إيَاس قال: كنتُ في الكُتَّاب وأنا صبي، فجعل أولادُ النصارى يضحكونَ من المسلمين ويقولون: إنهم يزعمون أنَّهُ لا فَضلةَ لطعامِ أهلِ الجنة. فقلت للفقيه - وكان نصرانيًّا - ألستَ تزعمُ أنَّ في الطعامِ ما ينصرفُ في غذاءَ البَدَن؟ قال: بَلَى. قلت: فما يُنكرُ أنْ يجعلَ اللهُ طعامَ أهلِ الجنةِ كلَّهُ غذاءً لأبدانِهم؟ فقال له معلِّمُهُ: ما أنتَ إلَّا شيطان.

وهذا الذي قاله إياس وهو صغير بعقله قد ورَدَ به الحديثُ الصحيح كما سنذكُره إنْ شاء الله في صفةِ أهلِ الجنة أنَّ طعامَهم ينصرفُ جُشاءً وعَرَقًا كَالمِسْك، فإذا البطنُ ضامر (٢).

وقال سفيان: وحين قدم إياس واسط فجاءه ابنُ شُبْرمة بمسائلَ قد أعدَّها، فقال له: أتأذنُ لي أنْ أسألكَ؟ قال: سَلْ وقد ارتبتُ حين سألته عن سبعين مسألةً يُجيبُهُ فيها، ولم يختلفا إلَّا في أربعِ مسائل؟


(١) في (ق): "صلعب" تصحيف والمثبت من (ب، ح)، وطبقات المحدثين بأصبهان (٢/ ٨٨)، والخبر فيه.
(٢) رواه مسلم في "صحيحه" رقم (٢٨٣٥) من حديث جابر بن عبد الله، وأحمد في "مسنده" (٤/ ٣٦٧ و ٣٧١) من حديث زيد بن أرقم.

<<  <  ج: ص:  >  >>