للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرْطالٍ من الخَمْر وهو راكبٌ على فرَسِه، ومعه اثنانِ من أصحابِه، فلما انصرف أمَرَ للخَمَّار بخمس مئةِ دينار.

وقال القاضي أبو الفرج: أخبارُ الوليدِ كثيرة، قد جمعَها الأخباريُّون مجموعةً ومُفْرَدَة؛ وقد جمعتُ شيئًا من سيرَتِه وآثارِهِ، ومن شعرهِ الذي ضمَّنَه ما فَجَرَ به من جُرْأتِهِ وسَفَاهتِه وحُمْقِه، وهَزْلِه ومُجُونِه، وسخافةِ دينه، وما صرَّح به من الإلحاد في القرآنِ العزيزِ والكُفْرِ بمنْ أنزلَهُ وأُنزلَ عليه؛ وقد عارضتُ شعرَهُ السخيفَ بشعرٍ حَصِيف، وباطلهُ بحَقٍّ نَبيهٍ شَرِيف، وتوَخَّيتُ رضاءَ الله ﷿، واستيجابَ مغفرتِه.

وقال أبو بكر بن أبي خَيْثمة: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ، حدّثنا صالح بن سليمان، قال: أرادَ الوليدُ بن يزيد الحجَّ وقال: أشربُ فوقَ ظهرِ الكعبةِ الخَمْر. فهمَّ قومٌ أنْ يَفْتكُوا بِهِ إذا خرج، فجاؤوا إلى خالدِ بن عبدِ الله القَسْري، فسألوهُ أنْ يكونَ معَهم، فأبى، فقالوا له: فاكتُمْ علينا. فقال: أمَّا هذا فنَعَمْ. فجاء إلى الوليد فقال: لا تخرُجْ فإنِّي أخافُ عليك. فقال: ومنْ هؤلاء الذين تخافُهم عليّ؟ قال: لا أخبرُكَ بهم. قال: إنْ لم تخبرْني بهم بعثتُ بك إلى يوسفَ بنِ عمر. قال: وإنْ بعثْتَ بي إلى يوسفَ بنِ عمر. فبعثه إلى يوسف، فعاقبه حتى قتلَه (١).

وذكر ابنُ جرير (٢) أنه لمَّا امتنع أنْ يُعلِمَه بهم سجنَهُ ثم سلَّمه إلى يوسف بن عمر يستخلصُ منه أموالَ العراق فقتله. وقد قيل: إنَّ يوسفَ لمَّا وفَدَ إلى الوليد اشترى منه خالدَ بن عبد الله القَسْري بخمسين ألف ألف يُخلِّصُها منه، فما زال يعاقبُه ويستخلصُ منه حتى قتلَه؛ فغَضِبَ أهلُ اليمن من قَتْلِه، وخرجوا على الوليد.

قال الزبيرُ بنُ بكَّار: حدثنا مُصعبُ بن عبدِ الله، قال: سمعتُ أبي يقول: كنتُ عندَ المَهْدي، فذُكرَ الوليدُ بن يزيد، فقال رجلٌ في المجلس: كان زنديقًا. فقال المهدي: خِلافةُ اللهِ عندَه أجلُّ من أن يجعلَها في زِنْدِيق.

وقال أحمد بن عُمير بن جَوصاء الدِّمَشْقي: حدّثنا عبد الرحمن بن الحسن، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا حصين بن الوليد، عن الأزهر بن الوليد قال: سمعتُ أمَّ الدرداء تقول: [سمعتُ أبا الدرداء يقول]: إذا قُتل الخليفةُ الشابُّ من بني أمية بين الشام والعراق مظلومًا لم تزلْ طاعةً مُسْتَخَفًّا بِها، ودَمًا مَسْفُوكًا على وجهِ الأرض (٣) بغَيْرِ حقّ (٤).


(١) أخرجه ابن أبي جرادة في بغية الطلب في تاريخ حلب (٧/ ٣٠٨٦).
(٢) هو الطبري في تاريخه (٤/ ٢٣٦).
(٣) في الأصل: لم تزل طاعةً مستخف بها، ودم مسفوك على وجه الأرض. وما أثبتناه من بعض النسخ.
(٤) أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (١/ ١٩٥) (٥٣٠) عن الوليد بن مسلم، به، وما بين معقوفين منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>