للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وقوله تعالى: ﴿قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالآتِي وَبِكَلَامِي﴾ أي: في ذلك الزمان لا ما قبله، لأن إبراهيم الخليل أفضلُ منه - كما تقدم بيان ذلك في قصة إبراهيم (١) - ولا ما بعده لأن محمدًا أفضل منهما، كما ظهر شرفه ليلة الإسراء على جميع المرسلين والأنبياء، وكما ثبت أنه قال: "سَأَقُومُ مَقَامًا يَرْغَبُ إليَّ الخَلْقُ حَتَّى إبْرَاهِيم (٢).

وقوله تعالى: ﴿فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ أي: فخذ ما أَعطمتك من الرسالة والكلام، ولا تسأل زيادة عليه، وكن من الشاكرين على ذلك.

قال اللّه تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ وكانت الألواح من جوهرٍ نفيسٍ. ففي "الصحيح" أن الله كتب له (٣) التوراة بيده، وفيها مواعظ عن الآثام وتفصيلٌ لكلِّ ما يحتاجون إليه من الحلال والحرام: ﴿فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ﴾ أي: بعزمٍ ونيّةٍ صادقةٍ قويّةٍ ﴿وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾ أي: يضعوها على أحسن وجوهها وأجمل محاملها ﴿سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ﴾ أي: سترون عاقبة الخارجين عن طاعتي المخالفين لأمري المكذِّبين لرسلي. ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ﴾ عن فهمها وتدبُّرها وتعقُّل معناها الذي أريد منها، ودلّ عليه مقتضاها ﴿الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا﴾ أي: ولو شاهدوا مهما شاهدوه من الخوارق والمعجزات لا ينقادون لاتِّباعها ﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا﴾ أي: لا يسلكوه ولا يتبعوه ﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ أي: صرفناهم عن ذلك لتكذيبهم بآياتنا، وتغافلهم عنها، وإعراضهم عن التصديق بها والتفكّر في معخاها وترك العمل بمقتضاها ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

* * *


(١) في الجزء الأول.
(٢) ورد تخريجه في الجزء الأول.
(٣) في ب: كتب التوراة. والحديث في البخاري (٦٦١٤)، ومسلم (٢٦٥٢)