للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ولد الشافعي بغزة، وقيل: بعَسْقَلان، وقيل: باليمن سنة خمسين ومئة، ومات أبوه وهو صغير، فحملته أمه إلى مكة وهو ابن سنتين لئلا يضيع نسبُه، فنشأ بها، وقرأ القرآن وهو ابنُ سبع [سنين] (١)، وحفظ "الموطأ" وهو ابنُ عشر، وأفتى وهو ابن خمس عشرة سنة. وقيل: ابن ثماني عشرة سنة، أذِنَ له شيخهُ مسلم بن خالد الزَّنجيُّ (٢)، وعُني باللغة والشعر، وأقام في هذيل نحوًا من عشر سنين، وقيل: عشرين سنة، فتعلَّم منهم لغاتِ العربِ وفصاحتها، وسمع الحديث الكثير على جماعة من المشايخ والأئمة، وقرأ بنفسه "الموطَّأ" على مالك من حفظه، وأعجبته قراءته وهِمَّته، [وأخذ عنه علم الحجاز من بعد أخذه عن مسلم بن خالد] (٣).

وأخذ عنه خلقٌ كثيرٌ قد ذكرنا (٤) أسماءهم مرتبين على حروف المعجم.

وقرأ القرآن على إسماعيل بن قُسْطَنطين، عن شِبْلٍ، عن ابن كثير، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاس، عن أُبَيّ بن كعبٍ، عن رسول اللَّه ، عن جبريلَ، عن اللَّه ﷿.

وأخذ الشافعيُّ الفقه عن مسلم بن خالد، عن ابن جُرَيْج، عن عطاء، عن ابن عباس وابن الزبير وغيرهما، عن جماعة من الصحابة؛ منهم: عمر وعلي (٥) وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وغيرهم. وكلُّهم عن رسول اللَّه . وتفقَّه أيضًا على مالك عن مشايخه.

وتفقَّه به جماعةٌ قد ذكرناهم ومَن بعدهم إلى زماننا في تصنيفٍ مفردٍ، وللَّه الحمد والمنَّة.

وقد روى ابنُ أبي حاتم، عن أبي بشر الدولابي، عن محمد بن إدريس ورَّاقِ الحُميدي، عن الحُميدي، عن الشافعيِّ: أنَّه ولي الحكم بنجران من أرض اليمن، ثم تعصَّبوا عليه ووشَوْا به إلى الرشيد هارون أنه يَرُومُ الخلافة، فحُمِلَ على بغلٍ في قيدٍ إلى بغداد، فدخلها في سنة أربعٍ وثمانين وعمرُه ثلاثون سنةً، فاجتمع بالرشيد، فتناظر هو ومحمد بن الحسن (٦) بين يديه، وأحسن القولَ فيه محمد بن


(١) زيادة في ب، ظا.
(٢) مسلم بن خالد بن مسلم بن سعيد، المخزوميّ مولاهم، الزَّنجيّ، المكّي، فقيه صدوق، كثير الأوهام في الحديث. كان أبيض بحمرة، ولقب بالزَّنجي لحبه للتمر. قالت له جاريته: ما أنت إلا زنجيّ. وبه تفقه الإمام الشافعي قبل أن يلقى مالكًا، وقد أذِن له بالإفتاء. توفي سنة ١٧٩ هـ. سير أعلام النبلاء (٨/ ١٥٨)، والأعلام (٧/ ٢٢٢).
(٣) زيادة في ب، ظا.
(٤) في ظا، ب: سردنا.
(٥) في ط: عمرو بن علي وهو تصحيف.
(٦) هو محمد بن الحسن بن فرقد، أبو عبد اللَّه الشيباني، فقيه العراق، صاحب أبي حنيفة. ترجم له المؤلف في حوادث سنة ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>