للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو ثَوْرٍ: ما رأينا مثلَ الشافعيِّ، ولا رأى هو مثلَ نفسِهِ (١). وكذا قال الزَّعْفَرَانيُّ وغيرُ واحد.

وقال داود بن علي الظاهريُّ (٢) في كتابٍ جَمعه في فضائل الشافعي: للشافعيِّ من الفضائل ما لم يجتمع لغيره؛ من شرفِ نسبِهِ، وصحة دِينه ومعتقده (٣)، وسخاوةِ نفسِه، ومعرفته بصحة الحديث وسقمه، وناسخه ومنسوخه، وحفظِه الكتابَ والسنَّةَ وسيرةَ الخلفاءِ، وحسنِ التصنيف، وجودةِ الأصحابِ والتلامذة، مثلِ أحمد بن حنبل في زهده وورعه، وإقامته على السنة. ثم سَرَد أعيانَ أصحابه من البغاددة والمصريين. وكذا عدَّ أبو داود في جملة تلامذته في الفقه: أحمد بن حنبل.

وقد كان الشافعيُّ من أعلم الناس بمعاني القرآن والسنة، وأشدِّ النَّاس انتزاعًا للدلائل منهما.

وكان من أحسن النَّاس قصدًا وإخلاصًا، كان يقولُ: وددْتُ: أنَّ النَّاس تعلموا هذا العلمَ ولا يُنسبُ إليَّ منه شيءٌ أبدًا، فأُوْجَرُ عليه ولا يَحمدوني (٤).

وقد قال غيرُ واحدٍ عنه: إذا صحَّ عندكم الحديثُ عن رسول اللَّه فقولوا به ودعوا قولي، فإني أقولُ به، وإن لم تسمعوه منِّي (٥).

وفي رواية: فلا تقلِّدُوني.

وفي رواية: فلا تلتفتوا إلى قولي.

[وفي رواية: فاضْرِبُوا بقولي عُرْضَ الحائطِ، فلا قولَ لي مع رسول اللَّه ] (٦).

وقال: لأنْ يَلقى اللَّهَ المرْءُ (٧) بكل ذنبٍ ما خلا الشرك باللَّهِ، خيرٌ له من أن يَلْقَاه بشيءٍ من الأهواء.

وفي رواية: خيرٌ له من أن يلقاه بعلمِ الكلام.

وقال: لو علِمَ النَّاس ما في الكلام من الأهواء لفرُّوا منه كما يُفَرُّ مِنَ الأسدِ.


(١) تاريخ ابن عساكر (١٤/ ٤١١)، سير أعلام النبلاء (١٠/ ٤٦).
(٢) أحد الأئمة المجتهدين في الإسلام، تنسب إليه الطائفة الظاهرية، سميت بذلك لأخذها بظاهر الكتاب والسنة، وإعراضها عن التأويل والرأي والقياس. توفي سنة ٢٧٠ هـ، وسيترجم له المؤلف في تلك السنة.
(٣) في ب، ظا: ومعرفته. والخبر في معجم الأدباء (١٧/ ٣١٥).
(٤) سير أعلام النبلاء (١٠/ ٥٥)
(٥) المصدر السابق.
(٦) ما بين قوسين زيادة من ط فقط. سير أعلام النبلاء (١٠/ ٣٣ - ٣٥).
(٧) في ط وسير أعلام النبلاء (١٠/ ١٦): العبد.

<<  <  ج: ص:  >  >>