للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضًا: حكمي في أهلِ الكلام أن [يُضربوا بالجَريد] (١)، ويُطافَ بهم في القبائل، ويُنادى عليهم: هذا جزاءُ من ترك الكتاب والسنة، وأقبلَ على الكلام.

وقال البُوَيْطيُّ: سمعت الشافعيَّ يقولُ: عليكم بأصحاب الحديث فإنَّهم أكثرُ الناس صوابًا.

وكان يقول: إذا رأيتُ رجلًا من أصحاب الحديث فكأنَّما رأيتُ رجلًا من أصحاب رسول اللَّه وجزاهم اللَّه خيرًا، حفظوا لنا الأصلَ، فلهم علينا الفضل (٢). ومن شعره في هذا المعنى قولُه (٣):

كُلُّ العُلومِ سِوَى القرآنِ مَشغلةٌ … إلا الحديثَ وإلا الفقهَ في الدِّينِ

العلمُ ما كانَ فيهِ قالَ حدَّثنا … وما سِوى ذاكَ وَسواسُ الشَّياطينِ

وكان يقول: القرآنُ كلامُ اللَّه غيرُ مخلوقٍ، ومَن قال مخلوقٌ فهو كافر (٤). وقد روى عنه الربيعُ وغيرُ واحدٍ من رؤوس أصحابه ما يدُلُّ على أنه كان يُمرُّ آياتِ الصِّفات وأحاديثَها كما جاءت من غير تكييف، ولا تشبيه، ولا تعطيل، ولا تحريف، على طريقة السَّلف.

وقال ابنُ خُزيمة: أنشدني المُزنيُّ، قال: أنشدنا الشافعيُّ لنفسه (٥):

فما شئتَ كانَ وإنْ لم أشأْ … وما شئتُ إنْ لم تَشَأْ لم يكنْ

خَلَقْتَ العِبادَ على ما علمْتَ … ففي العلم يجري الفَتَى والمُسِنّ

فمنهم شقيٌّ ومنهمْ سعيدٌ … ومنهم قبيحٌ ومنهمْ حَسَنْ

على ذا مَنَنْتَ وهذا خذَلْتَ … وهذا أعنْتَ وذا لم تُعِنْ

وقال الربيعُ: سمعتُ الشافعيَّ يقولُ: أفضلُ الناس بعدَ رسولِ اللَّه أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي.

وعن الربيع، قال: أنشدنا الشافعيُّ (٦):

قد نفَّرَ (٧) الناس حتَّى أحدثوا بِدَعًا … في الدِّينِ بالرأي لم تُبعَث بها الرُّسُلُ


(١) زيادة من ط وسير أعلام النبلاء (١٠/ ٢٩). و"الجَريد": جمع جريدة، وهي السَّعَفَة التي تقشر من خوصها.
(٢) حلية الأولياء (٩/ ١٠٩)، سير أعلام النبلاء (١٠/ ٦٠).
(٣) طبقات الشافعية للسبكي (١/ ٢٩٧).
(٤) سير أعلام النبلاء (١٠/ ١٨ - ٣٠).
(٥) طبقات الشافعية للسبكي (١/ ٢٩٥)، وابن عساكر (١٤/ ٤٠٦ - ٤٠٧)، ومناقب الشافعي للبيهقي (١/ ٤١٢ و ٢/ ١٠٩).
(٦) ابن عساكر (١٠/ ١٩٠)، ومناقب الشافعي للبيهقي (٢/ ٧١) وفي الأخير: لم يبرح الناس.
(٧) في ط: عوج.

<<  <  ج: ص:  >  >>