للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال البخاري (١): حَدَّثَنَا الحميدي، حَدَّثَنَا سفيان، حَدَّثَنَا عمرو بن دينار، أخبرني سعيد بن جُبير قال: قلت لابن عباس: إن نوفًا البِكَالي يزعم أن موسى صاحب الخضر، ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل. قال ابن عباس: كذب عدو اللّه. حَدَّثَنَا أُبَي بن كعب أنه سمعِ رسول الله يقُول: "إنَّ مُوْسَى قامَ خَطِيْبًا في بَني إسْرَائِيْل فَسُئِلَ: أيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أنا. فعَتِبَ اللّهُ عَلَيْهِ إذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إلَيْه، فأوَحْى اللّهُ إلَيْه: إنَّ لي عَبْدًا بِمَجمَعٍ البَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. قالَ موسَى: يا رَبِّ وَكَيْفَ لي بهِ؟ قالَ: تَأخُذُ مَعَكَ حُوْتًا فَتَجْعَلُهُ بِمِكْتَلٍ (٢) فحَيثما فَقَدْتَ الحوتَ فَهُوَ ثَمَّ. فأَخَذَ حُوتًا فَجَعلَه بِمِكْتَلٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ وَانْطَلَقَ مَعَهُ فَتَاهُ يُوْشَعُ بنُ نُونٍ حَتّى إذا أَتَيا الصَّخْرَةَ وَضَعا رُؤُوسهما فَناما، واضْطَرَبَ الحوتُ في المِكْتَلِ، فَخَرَجَ مِنْهُ فَسَقَطَ في البَحْرِ وَاتّخذَ سَبِيْلَه في البَحْرِ سَرَبًا. وأمْسَكَ اللّهُ عَنِ الحوتِ جرية الماءَ فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْل الطاقِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نَسِيَ صاحِبُهُ أَنْ يُخْبِرَهُ بالحوتِ فانْطَلَقا بَقِيَّة يَوْمِهِما وَلَيْلَتهما حَتّى إذا كانَ مِنَ الغَدِ ﴿قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا﴾ وَلَمْ يَجِدْ مُوْسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ المَكانَ الذي أَمَرهُ اللهُ بِهِ ﴿قَالَ﴾ له فتاه: ﴿أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا﴾ قال: فكان للحوت سَرَبًا ولموسى ولفتاه عجبًا ﴿قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ قال: فرجعا يقصان أثرهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجلٌ مُسَجًى بثوب، فسلّم عليه موسى، فقال الخضر: وأنَّى بأرضك السلامُ. قال: أنا موسى. قال: موسى بني إسرائيل؛ قال: نعم، أتيتك لتعلمني مما عُلّمت رُشْدًا ﴿قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ يا موسى إني على علم من علم الله علَّمنيه اللهُ لا تعلمه أنتَ، وأنتَ على علم من علم الله علَّمَكه الله لا أعلمه، فقال موسى ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا﴾. قال له الخضر: ﴿فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (٧٠) فَانْطَلَقَا﴾ يمشيان على ساحل البحر، فمرت سفينةٌ فكلّمهم أن يحملوهم، فعرَفَوا الخضر، فحملوهم بغير نَوْل. فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحًا من ألواح السفينة بالقَدُوم. فقال له موسى: قوم حملونا بغير نَوْل عمدت إلى سفينتهم فخرقتها ﴿لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (٧١) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٢) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾ قال: وقال رسول الله "وكانتِ الأولى مِنْ مُوسى نسيانًا، قال وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال له الخضر: ما علمي وعلمك في علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر. ثم خرجا من السفينة، فبينما هما يمشيان على الساحل إذ بصر الخضر غلامًا يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله، فقال له موسى: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (٧٤) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ


(١) سقطت صفحة كاملة من ب، وعوض عنها صفحة بخط مغاير، ووقع فيها اختلاف كثير عن نسخة الأصل، لم أشر إليه لأنه لا يفيد في اختلاف النسخ.
(٢) المكتل: الزنبيل الذي يعمل من الخوص.