للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ قال: وهذه أشد من الأولى ﴿قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (٧٦) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ قال: مائل، فقال الخضر بيده ﴿فَأَقَامَهُ﴾ فقال موسى: قومٌ أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (٧٧) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾ قال رسول اللّه "ودِدْنا أَنَّ مُوْسَى كانَ صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ اللّه عَلَيْنا مِنْ خَبَرِهِما" (١).

قال سعيد بن جبير فكان ابن عباس يقرأ: وكان أمامهم مَلِك يأخذ كلّ سفينةٍ صالحةٍ غصبًا، وكان يفرأ: وأما الغلام فكان كافرًا وكان أبواه مؤمنين.

ثم رواه البخاري (٢) أيضًا عن قُتيبة، عن سُفيان بن عُيَيْنة بإسناده، نحوه. وفيه: فخرج موسى ومعه فتاه يوشع بن نون، ومعهما الحوت حتى انتهيا إلى الصخرة، فنزلا عندها، قال: فوضع موسى رأسه فنام، قال سفيان: وفى حديث غير عَمرو قال: وفي أصل الصخرة عين يقال لها: الحياة، لا يصيب من مائها شيءٌ إلا حيي، فأصاب الحوت من ماء تلك العين، قال: فتحرّك وانْسَلَّ من المِكتل، ودخل البحرَ، فلما استيقظ ﴿قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا﴾ وساق الحديث وقال: ووقع عصفور على حرف السفينة، فغمس منقاره في البحر، فقال الخضر لموسى: ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم اللّه إلا مقدار ما غمس هذا العصفور منقاره .. وذكر تمام الحديث.

وقال البخاري: حدّثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف أن ابن جُريج أخبرهم قال: أخبرني يعلى بن مسلم، وعمرو بن دينار، عن سعيد بن جُبير يزيد أحدهما (٣) على صاحبه، وغيرهما قد سمعته يحدثه عن سعيد بن جبير قال: إنا لَعند ابن عباس في بيته إذ قال: سَلوني، فقلت: أي أبا عباس - جعلني الله فداك - بالكوفة رجل قاصٌّ يقال له: نوف، يزعم أنّه ليس هو نبي بني إسرائيل، أما عمرو فمّال لي: قال: كذب عدوُّ الله. وأمّا يعلى فقال لي: قال ابن عباس: حدّثنى أُبَي بن كعب قال: قال رسول اللّه : مُوسى رسول اللّه ذَكَّرَ الناسَ يومًا حتى إذا فاضت العيونُ، ورقَّت القلوبُ، ولَّى فأدركه رَجُل، فقال: أي رسول اللّه هل في الأرض رجل أعلم منك؟ قال: لا، فَعَتِبَ اللهُ عَلَيْه إذْ لَمْ يَرُدَّ العلْم إلى الله. قيل: بلى. قال: أي ربّ فأين؟ قالَ: بِمَجْمَع البَحْرَين. قالَ أي رَبّ إجْعَل لي علمًا أعلم ذلك به. قال: قال لي عمرو: حيث يفارقك الحوت. ودال لي يعلى: خذ حوتًا ميتًا حيث ينفخ فيه


(١) الحديث بتمامه أخرجه البخاري: رقم (١٢٢)، في العلم، باب ما يستحب للعالم إذا سئل: أي الناس أعلم؟ فيكل العلم إلى الله. وفيه اختلاف عما هاهنا.
(٢) صحيح البخاري رقم (٤٧٢٧) في تفسير سورة الكهف، باب ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ﴾. صحيح البخاري (٤٧٢٦).
(٣) قوله: يزيد أحدهما … إلى هنا. زيادة من ط. وهى في البخاري.