للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرّت به يدعها بعيبها، فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها. منهم من يقول: سدُّوها بقارورة، ومنهم من يقول: بالقار.

﴿فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ﴾ وكان كافرًا ﴿فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ أي: يحملهما حُبُّه على أن يتابعاه على دينه ﴿فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً﴾ لقوله: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً﴾. ﴿وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾ هما به أرحم منهما بالأول الذي قتل خضر. وزعم غير سعيد بن جبير أنهما أبدلا جاريةً. وأما داود (١) بن أبي عاصم فقال عن غير واحد: إنها جارية.

وقد رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: خطب موسى بني إسرائيل فقال: ما أحدٌ أعلم باللّه وبأمره مني، فأُمِرَ أن يلقى هذا الرجل. فذكر نحو ما تقدّم. وهكذا رواه محمد بن إسحاق، عن الحسن بن عمارة، عن الحَكَم بن عُتَيْبَة، عن سعيد بن جبير، عن أُبي بن كعب، عن رسول اللّه كنحو ما تقدم أيضًا. ورواه العَوْفي عنه موقوفًا.

وقال الزهري عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، عن ابن عباس (٢) أنه تمارى هو والحرُّ بن قيس بن حصن الفزازي في صاحب موسى، فقال ابن عباس: هو خضرٌ، فمر بهما أُبي بن كعب؟ فدعاه ابن عباس فقال: إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل إلى لُقْيِهِ، فهل سمعت من رسول اللّه فيه شيئًا؟ قال: نعم. وذكر الحديث (٣).

وقد تقصَّينا طُرق هذا الحديث، وألفاظه في تفسير سورة الكهف (٤). وللّه الحمد.

وقو له: ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ﴾ قال السُّهَيلي: وهما أصرم وصريم ابنا كاشح. ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا﴾ قيل: كان ذهبًا، قاله عكرمة، وقيل: علمًا، قاله ابن عباس. والأشبه أنّه كان لوحًا من ذهب مكتوبًا فيه علم. قال البزَّار (٥): حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حَدَّثَنَا بِشْر بن المنذر، حَدَّثَنَا الحارث بن عبد اللّه اليَحْصُبي (٦)، عن عيّاش بن عباس القتباني، عن ابن حُجَيرة عن


(١) في ط: وزعم سعيد بن جبير أنه ابن لا جارية، وأما داود. وهو تحريف، وما هنا موافق لما في صحيح البخاري.
(٢) حديث الزهري عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة عن ابن عباس أخرجه أحمد (٥/ ١١٦) والبخاري (٧٤) و (٧٨) في العلم، و (٣٤٠٠) في أحاديث الأنبياء، و (٧٤٧٨) في التوحيد، ومسلم (٢٣٨٠) (١٧٤)، والنسائي في العلم من سننه الكبرى (٥٨٤٤)، وفي التفسير المفرد (٣٢٧) و (٣٢٨) و (٣٢٩) وهو في الكبرى (١١٣٠٧) و (١١٣٠٨) و (١١٣٠٩) (وينظر المسند الجامع ١/ ٧٥ - ٧٦ حديث ٧٥).
(٣) إلى هنا نهاية الصفحة المخالفة لخط ب.
(٤) تفسير ابن كثير (٣/ ٩٨).
(٥) انظر كشف الأستار (٢٢٢٩)، وفي إسناده ضعف.
(٦) اليَحصِبي، بفتح الياء وسكون الحاء، وكسر الصاد المهملة، وقل: بضمها: نسبة إلى يحصب: قبيلة من حِمْيَر. اللباب (٣/ ٤٠٧).