للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي ذر رَفَعه قال: إن الكَنْز الذي ذَكَرَ اللّهُ في كتابه لوح من ذهب (١) مصمت، عجبت لمن أيقن بالقدر كيف نصب (٢)؛ وعجبت لمن ذكر النار ثم ضحك، وعجبت لمن ذكر الموت كيف غفل، لا إله إلا اللّه.

وهكذا روي عن الحسن البصري وعمر مولى غفرة، وجعفر الصادق نحو هذا.

وقوله: ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ وقد قيل: إنه كان الأب السابع، وقيل: العاشر. وعلى كلّ تقدير فيه دلالة على أن الرجل الصالح يُحفظ في ذريته، فاللّه المستعان.

وقوله: ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ دليلٌ على أنّه كان نبيًا، وأنّه ما فعل شيئًا من تلقاء نفسه، بل بأمر ربّه، فهو نبي، وقيل: رسول، وقيل: وليٌّ. وأغرب من هذا من قال: كان ملكًا واللّه أعلم (٣).

وسنفرد للخضر ترجمة على حدة بعد هذا (٤).


(١) في ط: من الذهب. وذهب مُصْمَت: لا يخالطه شيء.
(٢) كذا في أ، وط. وتفسير المؤلف. وفي ب: يغضب.
(٣) جاء في المطبوع من البداية والنهاية هنا زيادة لم ترد في أ و ب. وهي:
قلت: وقد أغرب جدًا من قال: هو ابن فرعون. وقيل: إنه ابن ضحاك الذي ملك الدنيا ألف سنة.
قال ابن جرير: والذي عليه جمهور أهل الكتاب أنه كان في زمن أفريدون، ويقال: إنه كان على مقدمة ذي القرنين الذي قيل: إنه كان أفريدون، وذو الفرس هو الذي كان في زمن الخليل.
وزعموا أنه شرب من ماء الحياة فخلد وهو باقٍ إلى الآن. وقيل: إنه من ولد بعض من آمن بإبراهيم وهاجر معه من أرض بابل. وقيل: اسمه: ملكان، وقيل: أرميا بن خلقيا. وقيل: كان نبيًا في زمن سباسب بن لهراسب.
قال ابن جرير: وقد كان بين أفريدون وبين سباسب دهور طويلة لا يجهلها أحد من أهل العلم بالأنساب.
قال ابن جرير: والصحيح: أنه كان في زمن أفريدون، واستمر حيًا إلى أن أدركه موسى وكانت نبوة موسى في زمن منوشهر الذي هو من ولد أبرج بن أفريدون أحد ملوك الفرس، وكان إليه الملك بعد جده أفريدون لعهده، وكان عادلًا، وهو أول من خندق الخنادق وأول من جعل في كل قرية دهقانًا. وكانت مدة ملكه قريبًا من مئة وخمسين سنة. ويقال: إنه كان من سلالة إسحاق بن إبراهيم. وقد ذكر عنه من الخطب الحسان، والكليم (كذا في ط) البليغ النافع الصحيح ما يبهر العقل ويحير السامع، وهذا يدل على أنه من سلالة الخليل. واللّه أعلم. وقد قال اللّه تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ﴾ … الآية [آل عمران: ٨١].
فأخذ اللّه ميثاق كل نبي على أن يؤمن بمن يجيء بعده من الأنبياء وينصره، فلو كان الخضر حيًا في زمانه لما وسعه إلا اتجاعه والاجتماع به والقيام بنصره، ولكان مِن جملة مَن تحت لوائه يوم بدر كما كان تحتها جبريل وسادات من الملائكة. وقصارى الخضر أن يكون نبيًا، وهو الحق، أو رسولًا، كما قيل، أو ملكًا - فيما ذكر - وأيًا كان فجبريل رئيس الملائكة، وموسى أشرف من الخضر، ولو كان حيًا لوجب عليه الإيمان بمحمد ونصرته، فكيف إن كان الخضر وليًا كما يقوله طوائف كثيرون، فأولى أن يدخل في عموم البعثة، وأحرى، ولم ينقل في حديث حسن، بل ولا ضعيف يعتمد أنه جاء يومًا واحدًا إلى رسول اللّه ، ولا اجتمع به. وما ذكر من حديث التعزية فيه، وإن كان الحاكم قد رواه، فإسناده ضعيف. واللّه أعلم.
(٤) في ب: على حدة بعد هذا.