للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم روى الخطيب (١): أنَّ أبا تمام دخل يومًا على ابن أبي دُوَاد، فقال له: أحسبك عاتبًا [يا أبا تمام] (٢)؟ فقال: إنَّما يُعْتَبُ على واحدٍ وأنتَ النَّاسُ جميعًا. فقال له: أنَّى لك هذه؟ فقال: من (٣) قول أبي نواس:

وليسَ للَّه (٤) بِمُسْتَنْكَرٍ … أن يَجْمَعَ العالَم في واحدِ

وامتدَحه أبو تمام يومًا فقال (٥):

لقد أنْسَتْ مَسَاوِئَ كُلِّ دَهْرٍ … مَحَاسِنُ أحمَدَ بنِ أبي دُوَاد

وما سافَرْتُ في الآفاقِ إلا … وَمِنْ جَدْوَاكَ راحِلَتي وَزَادِي

يُقيمُ الظَنُّ عِنْدَكَ والأمانِي … وإنْ قَلِقَتْ رِكابي في البلادِ

فقال له: هذا المعنى تفردت به أو أخذتَه من غيرك؟ فقال: هو لي، غير أني ألممت (٦) بقول أبي نواس (٧):

وإنْ جَرَتِ الألْفَاظُ يَوْمًا بمدْحةٍ … لِغَيْرِكَ إنسانًا فأنْتَ الَّذي نَعْنِي

وقال محمد بن يحيى الصولي: ومن مختار مديح أبي تمام لأحمدَ بن أبي دُوَاد قولُه (٨):

أأحْمَدُ إنَّ الحاسِدينَ كَثيرُ … ومَا لَكَ إنْ عُدَّ الكِرامُ نَظيرُ

حَلَلْتَ مَحَلًّا فاضِلًا (٩) متقادمًا (١٠) … مِنَ المَجدِ، والفَخْرُ القديمُ فَخُورُ (١١)


(١) تاريخ بغداد (٤/ ١٤٤)، مختصر تاريخ ابن عساكر (٣/ ٧٠).
(٢) زيادة من تاريخ بغداد ومختصر تاريخ ابن عساكر.
(٣) في تاريخ بغداد ومختصر ابن عساكر: من قول الحاذق -يعني أبا نواس- للفضل بن الربيع.
(٤) في ط: "وليس على اللَّه"، وما هنا من النسخ، وهو الموافق لجميع النسخ الخطية من تاريخ الخطيب، كما يظهر من تعليق الدكتور بشار عواد على طبعته منه (٥/ ٢٣٧) والبيت من السريع، والمصنف ينقل من تاريخ الخطيب.
(٥) ديوانه (١/ ٣٧٤)، وتاريخ بغداد (٤/ ١٤٥)، ومختصر ابن عساكر (٣/ ٧١).
(٦) في ط: ألمحت، وفي ب، ظا: أتممت قول.
(٧) تاريخ بغداد (٤/ ١٤٥).
(٨) ديوانه (٢/ ٢١٨)، تاريخ بغداد (٤/ ١٤٥).
(٩) في النسخ: قاضيًا، وأثبت ما جاء في ط والديوان.
(١٠) الديوان: متقدِّمًا.
(١١) ويروى فُخور، بضم الفاء، ومعناه: أن الفخر القديم يقوم مقام الفخور الكثيرة، ومن فتحها أراد أن الإنسان إذا كان له شرف قديم فكأنه يفخر، لأنه لا اختلاف في أن ما قدم من المآثر أفضل من المحدثات. الديوان (٢/ ٢١٨) حاشية (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>