للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكُلُّ غَنِيٍّ أو فَقِيرٍ فإنَّهُ (١) … إليكَ وإنْ نالَ السَّماءَ فَقِيرُ

إليكَ تَنَاهَى المَجْدُ مِنْ كُلِّ وِجْهَةٍ … يَصيرُ فما يَعْدُوكَ حَيْثُ يَصِيرُ (٢)

وبَدْرُ إيادٍ أنْتَ لا يُنْكِرُونَهُ … كذاكَ إيادٌ للأنامِ بُدورُ

تَجَّنَبْتَ أنْ تُدْعَى الأمِيرَ تَوَاضُعًا … وأنْتَ لِمَنْ يُدْعَى الأميرَ أمِيرُ (٣)

فَمَا مِنْ نَدًى إلا إليْكَ مَحَلُّهُ … وما رِفْعَةٌ إلا إليكَ تَشيرُ (٤)

قلت: وقد أخطأ الشاعر في هذا خطأ كبيرًا، وأفحَشَ في المبالغة كثيرًا (٥).

وقال أحمد بن أبي دُوَاد يومًا لبعضهم: لِم لا تسألني؟ فقال له: لأني لو سألتك أعطيتُك ثمن (٦) ما تعطيني، فقال له: صدقْتَ، وأرسَلَ إليه بخمسة آلاف درهم (٧).

وقال ابنُ الأعرابي: سأل رجلٌ من [أصحاب] (٨) ابن أبي دُوَاد أن يحمله على عَيْر (٩)، فقال: يا غلام، أعطه عيْرًا وبَغْلًا وبِرْذَونًا (١٠) وفرسًا وجاريةً، ثم قال له: لو أعلم مركوبًا غيرَ هذا لأعطيتك (١١). ثم أورد الخطيبُ (١٢) بأسانيده عن جماعة من الناس في أخبارٍ تدُلُّ على كرمه، وفصاحته، وأدبه، وحلمه، ومبادرته إلى قضاء الحاجات، وعظم (١٣) منزلته عند الخلفاء.

وذكر (١٤) عن محمد المهتدي بن الواثق: أنَّ شيخًا دخل يومًا على الواثق، فسلَّم، فلم يردَّ عليه الخليفة، بل قال: لا سلَّمَ اللَّهُ عليك. فقال: يا أميرَ المؤمنين! بئس ما أدَّبك معلِّمُك، قال اللَّه تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: ٨٦] فلا حيَّيتني بأحسَنَ منها ولا رددتَّها. فقال


(١) الديوان: فكلُّ قويٍّ أو غنيٍّ فإنَّه.
(٢) الديوان: حين تصير، وقال التبريزي في شرحه: تقديره: يصير حين تصير فما يعدوك.
(٣) سقط هذا البيت من نسخة أ واستدرك من ب، ظا، وقد تأخر في الديوان عمايليه. وترتيبه هنا كما ورد في تاريخ بغداد.
(٤) في أ وتاريخ بغداد: تشير، وأثبت ما جاء في ب، ظا والديوان.
(٥) بعده في ط: ولعله إن اعتقد هذا في مخلوق ضعيف مسكين ضال مضل، أن يكون له جهنم وساءت مصيرًا.
(٦) في ط: ثمن صلتك.
(٧) تاريخ بغداد (٤/ ١٤٥)، ومختصر تاريخ ابن عساكر (٣/ ٧١).
(٨) تكملة من ب، ظا.
(٩) "العَيْرِ": الحمار.
(١٠) "البِرْذون": ضرب من الدواب يخالف الخيل العراب، عظيم الخلقة، غليظ الأعضاء، وجمعها بَرَاذين.
(١١) مختصر تاريخ ابن عساكر (٣/ ٧٣).
(١٢) تاريخ بغداد (٤/ ١٤٦).
(١٣) في ب، ظا: عظمة، وفي ط: عظيم.
(١٤) تاريخ بغداد (٤/ ١٥١ - ١٥٢)، ومختصر تاريخ ابن عساكر (٣/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>