للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ إلى أن قال: ﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤٧) وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ … ﴾ [المائدة: ٤٤، ٤٨]. فجعل القرآن حاكمًا على سائر الكتب غيره، وجعله مصدِّقًا لها ومبينًا ما وقع فيها من التحريف والتبديل، فإن أهل الكتاب استُحفِظوا على ما بأيديهم من الكتب فلم يقدروا على حفظها، ولا على ضبطها وصونها، فلهذا دخلها ما دخلها من تغييرهم وتبديلهم لسوء فهومِهم، وقصورهم في علومهم، ورداءة قصودهم، وخيانتهم لمعبودهم، عليهم لعائن اللّه المتتابعة إلى يوم القيامة. ولهذا يوجد في كتبهم من الخطأ البيّن على اللّه وعلى رسله ما لا يحدُّ ولا يوصف، وما لا يوجد مثله ولا يعرف.

وقال تعالى في سورة الأنبياء: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٤٩) وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ [الأنبياء: ٤٨ - ٥٠].

وقال اللّه تعالى في سورة القَصَص: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (٤٨) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [القصص: ٤٨، ٤٩]. فأثنى اللّه على الكتابين وعلى الرسولين، .

وقالت الجن لقومهم: إنا سمعنا كتابًا أنزل من بعد موسى. وقال ورقة بن نوفل لما قصَّ عليه رسول الله خبر ما رأى من أول (١) الوحي، وتلا عليه ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: ١ - ٥] قال: سُبُّوحٌ سبوح، هذا الناموس الذي أنزل على موسى بن عمران.

وبالجملة فشريعة موسى كانت عظيمة (٢)، وأمته كانت أمّةً كثيرة، ووجد فيهم أنبياء وعلماء وعبَّاد وزهاد (٣) وملوك وأمراء وسادات وكبراء. لكنّهم كانوا فبادوا، وتبدّلوا كما بُدِّلت شريعتهم، ومُسخوا قِردة وخنازير، ثمّ نسخت بعد كل حساب ملَّتهم، وجرت عليهم خطوب وأمور يطول ذكرها، ولكن سنورد ما فيه مَقنع لمن أراد أن يبلغه خبرها إن شاء اللّه. وبه الثقة وعليه التُّكلان.

* * *


(١) السيرة النبوية (١/ ٢٣٨).
(٢) في ب: كانت شريفة عظيمة.
(٣) زاد في ب هنا: وأولياء. وفي ط: وألباء.