للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عن بعضهم قال: كنت أسمع أن الحلَّاج له أحوال [وكرامات] (١)، فأحببتُ أن أختبره فجئت، فسلَّمت عليه فقال لي: تَشَهَّ عليَّ السَّاعة (٢). فقلت: اْشتهي سمكًا طريًا. فدخل منزله، فغاب ساعة، ثم خرج [علي] (٣) ومعه سمكة تضطرب ورِجلاه عليهما الطِّين فقال: دعوتُ الله فأمرني أن آتي البطائح لآتيك بهذه [السمكة] (٤)، فخضتُ الأهواز وهذا الطِّين منها. فقلت: إن شئتَ أدخلتني منزلك لأكشف أمرك (٥)، فإن ظهرتُ على شيء وإلا آمنتُ بك. فقال: ادخل. فدخلت (٦)، فلم أجد في البيت منفذًا إلى غيره، فتحيَّرْتُ في أمره، ثم نظرتُ فإذا تأزير (٧)، فكشفته، فإذا من ورائه باب، فدخلتُ، فخرجت منه إلى بُسْتان هائل (٨)، فيه من سائر الثِّمار الجديدة والمعتقة (٩)، قد أُحسن إبقاؤها. هاذا أشياء كثيرة مُعَدَّة للأكل، وإذا هناك بِرْكة كبيرة فيها سمك كثير [صغار] (١٠) كبار، فدخَلْتُها، فاخرجت منها واحدةً، فنال رجليَّ من الطِّين كما نال رجليه، وجئتُ إلى الباب، فقلت له: افتح فقد آمنت بك. فلما خرجت ورآني على مثل حاله جرى ورائي ليقتلني، فضربته بالسمكة في وجهه وقلت: يا عدو الله، أتعبتني في هذا اليوم. ولما خَلَصْتُ منه لقيني بعد ذلك (١١) فضاحكني وقال: لا تُفْشِ هذا لأحد، أبعث (١٢) إليك من يقتلك وأنت على فراشك. قال (١٣): فلم أحدَّث به [أحدًا] (١٤) حتى صُلِب (١٥).


= عليَّ بصري، ومَنَّ الله عليَّ بالعافية، لأجعلنَّ بقية عمري في الجهاد في سبيل الله، والحج إلى بيت الله مع إخواننا الأبدال والصالحين الذين نعرفهم، ثم حثهم على إعطائه من المال ما طابت به أنفسهم. ثم إن الحلاج خرج عنهم، ومكث ذلك الرجل مدة إلى أن جمعوا له مالًا كثيرًا، ألوفًا من الذهب والفضة، فلما اجتمع له ما أراد ودعهم، وخرج عنهم، فذهب إلى الحلاج، فاقتسما ذلك المال.
(١) ما بين حاصرتين من (ط).
(٢) في (ط) تشتهي علي الساعة شيئًا؟.
(٣) ما بين حاصرتين من (ط).
(٤) ما بين حاصرتين من (ط).
(٥) في (ط) إن شئت أدخلتني منزلك حتى أنظر ليقوى يقيني بذلك.
(٦) ني (ط) فدخلت فأغلق علي الباب وجلس يراني، فدرت البيت فلم أجد.
(٧) التأزيرة: ما يلصق بالحائط من أسفله لتقويته، فيكون له كالإزار.
(٨) في (ط): ثم نظرت، فإذا أنا بتأزيرة - وكان مؤزرًا بإزار ساج - فحركتها، فانغلقت، فإذا هي باب منفذ، فدخلته، فأفضى بي إلى بستان هائل.
(٩) في (ط) العتيقة.
(١٠) ما بين حاصرتين من (ط).
(١١) في (ط) بعد أيام.
(١٢) في (ط): لا تغش ما رأيت لأحد وإلا بعثت.
(١٣) في (ط): قال: فعرفت أنه يفعل إن أفشيت عليه، فلم أحدث ..
(١٤) ما بين حاصرتين من (ط).
(١٥) نشوار المحاضرة (١/ ١٦٥ - ١٦٨) وتاريخ بغداد (٨/ ١٢٣ - ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>