للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أحمد (١): حدّثنا موسى بن داود، حدّثنا ابن لَهِيْعة، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي أنه قال قبل أن يموت بشهر: "تَسْأَلونَني عَنِ السَّاعَةِ وَإنّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ. أُقْسِمُ باللهِ ما عَلَى الأرْضِ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ اليومَ يأتي عَلَيْها مئة سَنَةٍ". وهكذا رواه مسلم (٢) من طريق أبي نَضرة وأبي الزبير كلٌّ منهما عن جابر بن عبد الله، به (٣) نحوه.

وقال الترمذي (٤): حدّثنا هنّاد، حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان (٥)، عن جابر قال: قال رسول الله : "ما على الأرْضِ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ يأتي عَلَيها مئة سَنَةٍ". وهذا أيضًا على شرط مسلم (٦).

قال ابن الجوزي: فهذه الأحاديث الصِّحاح تقطع دابر دعوى حياة الخضر .

قالوا: فالخَضِر إن لم يكن قد أدرك زمان رسول الله كما هو المظنون الذي يترقى في القوة إلى القطع، فلا إشكال، وإن كان قد أدرك زمانه، فهذا الحديث يقتضي أنه لم يعش بعده مئة سنة، فيكون الآن مفقودًا لا موجودًا، لأنه داخل في هذا العموم، والأصل عدم المخصِّص له حتى يثبت بدليل صحيح يجب قبوله. والله أعلم.

وقد حكى الحافظ أبو القاسم السُّهيلي في كتابه "التعريف والإعلام" (٧) عن البخاري، وشيخه أبي بكر بن العربي أنه أدرك حياة النبي ولكن مات بعده لهذا الحديث، وفي كون البخاري يقول بهذا، وأنه بقي إلى زمان النبي نظر. ورجَّح السهيلي بقاءه، وحكاه عن الأكثرين. قال: وأما اجتماعه مع النبي وتعزيته لأهل البيت بعدَه، فمروي من طُرق صِحاح (٨). ثمّ ذكر ما تقدّم مما ضعَّفناه، ولم يورد أسانيدها. والله أعلم.


(١) المسند (٣/ ٣٤٥). وأخرجه من طريق آخر هو (٣٨٥).
(٢) مسلم رقم (٢٥٣٨) في فضائل الصحابة، باب قوله : "لا تأتي مئة سنة وعلى هذه الأرض نفس منفوسة اليوم".
(٣) قوله: به، ليس في ب.
(٤) أخرجه الترمذي رقم (٢٢٥٠) في الفتن، باب (٦٤).
(٥) في ب: أبي شعيب، خطأ.
(٦) لكن الترمذي اقتصر على تحسينه.
(٧) التعريف والإعلام الورقة (٣٥).
(٨) انظر ص ٩٦.