للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روى الإمام أحمد، وصاحبا "الصحيح" من طريق الزُّهري (١)، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن ابن زيد بن الخطاب، عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن عباس أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بسَرْع (٢) لقِيَه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام. فذكر الحديث، يعني في مشاورته المهاجرين والأنصار، فاختلفوا عليه، فجاءه عبد الرحمن بن عوف، -وكان متغيّبًا ببعض حاجته- فقال: إن عندي من هذا علمًا، سمعت رسول الله يقول: "إذا كانَ بأرْضٍ وأنْتُم بها فَلا تَخْرُجُوا فِرارًا مِنْه، وإذا سَمِعْتُم بهِ بأرضٍ فلا تَقْدموا عَلَيه" فحمِدَ اللهَ عمرُ ثم انصرف.

وقال الإمام (٣): حدّثنا حجاج ويزيد المعنى (٤) قالا: حدثنا ابن أبي ذِئْب (٥)، عن الزهري، عن سالم، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، أن عبد الرحمن بن عوف أخبر عُمر وهو في الشام (٦) عن النبي : "إنّ هذا السقمَ عُذِّبَ بهِ الأُمَمُ قَبْلَكُم، فإذا سَمِعْتُم بهِ في أرْضٍ فلا تَدْخُلُوها، وإذا وَقَع بأرْضٍ وأنْتُم بها فَلَا تَخْرُجُوا فِرارًا مِنه". قال: فرجع عمر من الشام. وأخرجاه من حديث مالك عن الزهري، بنحو (٧).

قال محمد بن إسحاق، ولم يذكر لنا مدة لبث حزقيل في بني إسرائيل، ثمّ إن الله قبضه إليه، فلما قُبض نسي بنو إسرائيل عهد الله إليهم، وعظمت فيهم الأحداث، وعبدوا الأوثان، وكان في جملة ما يعبدونه من الأصنام صنم يسمونه بعلًا، فبعث الله إليهم إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران.

قلت: لم يذكر ابن عساكر ترجمة حزقيل في "تاريخه" (٨) وقد قدّمنا قصة إلياس تبعًا لقصَّة الخضر لأنهما يُقرنان في الذكر غالبًا، ولأجل أنها بعد قصة موسى في سورة الصّافات، فتعجلنا قصته لذلك. والله أعلم.

قال محمد بن إسحاق فيما ذُكر له عن وهب بن منبه قال: ثمّ تنبأ فيهم بعد إلياس وصيُّه اليسع بن أخطوب .


(١) أخرجه أحمد (١/ ١٩٢ و ١٩٤) والبخاري: رقم (٥٧٢٩) في الطب، باب ما يذكر في الطاعون. ومسلم رقم (٢٢١٩) في السلام، باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها.
(٢) سَرْغ: أول الحجاز وآخر الشام بين المغيثة وتبوك، من منازل حاج الشام معجم البلدان، وفيه خبر عمر .
(٣) المسند (١/ ١٩٣).
(٤) في أ: العنى. وفي ب: المغني، بإعجام الغين. وفي ط: المفتي. وما أثبتناه عن المطبوع من مسند أحمد (١/ ١٩٣)
(٥) في ط: "ذؤيب" وهو تحريف بيّن.
(٦) في المطبوع من مسند أحمد: وهو يسير في طريق الشام.
(٧) أخرجه البخاري (٥٧٣٠)، و (٦٩٧٣)، ومسلم (٢٢١٩).
(٨) قوله: ولم يذكر ابن عساكر ترجمة حزقيل في تاريخه، زيادة من ب، وهو كما قال.