للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبس خلعة التدريس (١) بالنظامية، أظهر عليه الإنكار جدًّا، وكذلك على غيره.

ثم حجَّ وعاد (٢) إلى بلاده فكان يأمر بالمعروف وينهى على المنكر، ويقرئ الناس القرآن، ويشغلهم في الفقه، فطار ذِكره في الناس.

واجتمع به يحيى بن تميم بن المعز بن (٣) باديس صاحب بلاد إفريقية، فعظمه وأكرمه، وسأله الدعاء، فاشتهر أيضًا [بذلك وبعُدَ صيته] (٤)، وليس معه إلا ركوة وعصا، ولا يسكن إلا المساجد.

ثم كان (٥) ينتقل من بلد إلى بلد حتى دخل مراكش، ومعه تلميذه عبد المؤمن بن علي، وقد كان توسم فيه النجابة والشهامة (٦)، فرأى [في مراكش] (٧) من المنكرات أضعاف ما رأى في غيرها.

من ذلك أن الرجال يتلثّمون، والنساء يمشين حاسرات عن وجوههن، فأخذ في إنكار ذلك. حتى إنه اجتازت (٨) به في بعض الأيام أخت أمير المسلمين علي بن يوسف [بن تاشفين] (٩) ملك مراكش وما حولها، ومعها نساء (١٠) راكبات حاسرات وجههن مثلها، فشرع هو وأصحابه ينكرون (١١) عليهن، وجعلوا يضربون وجوه الدواب، فسقطت أخت الملك عن دابتها، فأحضره الملك، وأحضر الفقهاء، فظهر عليهم بالحجة، وأخذ يعظ الملك في خاصة نفسه، حتى أبكاه، ومع هذا نفاه الملك ابن تاشفين (١٢) عن بلده، فشرع يشنع عليه، ويدعو الناس إلى قتاله، فاتبعه على ذلك خلق كثير، فجهز إليه [ابن تاشفين] (١٣) جيشًا كثيفًا فهزمهم ابن التومرت، فعظم شأنه، وارتفع أمره، وقويت شوكته (١٤)، وتَسَمَّى بالمهدي، وسمَّى جيشه جيش الموحّدين. وألف كتابًا في التوحيد، وعقيدة تسمى المرشدة.


(١) ط: ولا سيما لما لبس خلع التدريس.
(٢) ليس في ب.
(٣) ليس في آ.
(٤) مكانهما في آ، ب: هذا.
(٥) ط: ثم جعل.
(٦) ط: والشهامة فيه.
(٧) آ، ب: فيها.
(٨) في ب: اجتازته.
(٩) ليس في ب.
(١٠) ط: نساء مثلها.
(١١) ط: في الإنكار.
(١٢) عن آ وحدها.
(١٣) ب، ط: الملك.
(١٤) آ، ب: أركانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>