للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عزمه، وأقبل يقصد بغداد ليدخلها (١) عامه ذلك (٢). فكتب إليه الخليفة ينهاه عن ذلك لقلة الأقوات بها، فلم يقبل منه، وأقبل إليه، فلما أزف قدومه خرج الخليفة من داره وتجهز إلى الجانب الغربي، فشقّ ذلك عليه وعلى الناس (٣).

ودخل عيد الأضحى فخطب الخليفة الناس بنفسه خطبة عظيمة بليغة فصيحة جدًّا، وكبّر وراءه خطباء الجوامع، وكان يومًا مشهودًا. وقد سردها ابن الجوزي [في المنتظم] (٤) بطولها. ورواها عمن حضرها عن الخليفة، مع قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي وجماعة من العدول.

ولما (٥) أراد الخليفة أن ينزل عن المنبر ابتدره أبو المظفر محمد بن أحمد بن عبد العزيز (٦) الهاشمي فأنشده: [من الطويل]

عَلَيْكَ سَلَامُ اللّهِ يا خَيْرَ مَنْ عَلَا … عَلَى (٧) مِنْبَرٍ قَدْ حَفَّ أَعْلَامَهُ النَّصْرُ

وَأَفْضَلُ مَنْ أَمَّ الأَنَامَ وَعَمَّهُمْ … بِسِيرتِهِ الحُسْنَى وَكَانَ لَهُ الأَمْرُ

لَقَدْ شَنَّفَتْ (٨) أَسْمَاعَنَا مِنْكَ خُطْبَةٌ … وَمَوْعِظَةٌ فَصْلٌ (٩) يَلِينُ لَها الصَّخْرُ

مَلأْتَ بها كُلَّ القُلوبِ مَهَابَةً … فَقَدْ رَجَفَتْ مِنْ خَوْفِ تَخْوِيفِها مِصْرُ

سَمَا لَفْظُها فَضْلًا عَلَى كُلِّ قَائِلٍ … وَجَلَّ عُلاها أَنْ يلمَّ بها حَصْرُ (١٠)

أَشَدْتَ بها شَأْنَ المَنَابِرِ رِفْعَةً … تَقَاصَرَ عن إدْراكها الأَنْجُمُ الزُّهر

وزِدْتَ بها عَدْنانَ مَجْدًا مُؤَثَّلًا … فَأَضْحَى لَهَا بَيْنَ الأَنَام (١١) بِكَ الفَخْرُ (١٢)


(١) ط: وأقبل ليدخل بغداد.
(٢) ط: عليه ذلك.
(٣) ب: وعلى ذلك.
(٤) ليس ما بينهما في ط، والخبر في المنتظم (٩/ ٢٥٦ - ٢٥٨).
(٥) من هنا إلى آخر الأبيات لم يرد في غير آ. والخبر في المنتظم (٩/ ٢٥٨ - ٢٥٩).
(٦) في المنتظم: أحمد بن علي بن عبد العزيز، وما هنا يعضده ما في تاريخ الإسلام للذهبي، وهو بخطه (١١/ ١٦٩).
(٧) ليست في الأصل واستدركت عن المنتظم وتاريخ الإسلام.
(٨) المنتظم وتاريخ الإسلام: شرفت.
(٩) المنتظم وتاريخ الإسلام: فصل.
(١٠) آ: وحلت علاها آل سلم بها حصر.
(١١) آ: فأضحى بها من للأنام بك الفخر.
(١٢) بعده في المنتظم وتاريخ الإسلام:
وسدت بني العباس حتى لقد غدا … يباهي بك السجاد والعالم الحبر

<<  <  ج: ص:  >  >>