للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعل له خطيبًا ومدرسًا للفقه، وولَّى التدريس للفقيه أبي بكر النوقاني (١)، تلميذ محمد بن يحيى تلميذ الغزالي، وكتب له منشورًا بذلك، ووقف على الجامع قرية من قرى الموصل، وذلك كله بإِشارة الشيخ الصالح العابد عمر الملا، وقد كانت له زاوية يُقصد فيها، وله في كل سنة دعوة في شهر المولد، يحضر فيها عنده الملوك والعلماء (٢) والأمراء والوزراء، ويحتفل بذلك، وقد كان الملك نور الدين صاحبه، وكان يستشيره في أموره، وما يعتمده (٣) من المهمَّات، وهو الذي أشار عليه في مدة مقامه بالموصل (٤) بجميع ما فعله من الخيرات، فلهذا حصل بقدومه لأهل الموصل كل مسرّة، واندفعت عنهم المصائب، [وأسقط عنهم المكوس والضرائب] (٥).

وأخرج من بين أهلها (٦) الظالم الغاشم [فخر الدين] (٧) عبد المسيح، وسماه عبد الله، وأخذه معه إِلى دمشق، فأقطعه إِقطاعًا حسنًا، فجزاه الله خيرًا. وقد كان عبد المسيح هذا نصرانيًا، فأظهر الإِسلام. وكان يقال: إِن له كنيسة في جوف داره. وكان سيّئ السيرة خبيث السريرة في حق العلماء والمسلمين خاصة (٨). ولما دخل نور الدين الموصل كان الذي استأمن (٩) له الشيخ عمر الملأ (١٠).

وحين دخل نور الدين إِلى (١١) الموصل خرج إِليه ابن أخيه، فوقف بين يديه، فأحسن إِليه وأكرمه (١٢)، وألبسه خلعة جاءته من الخليفة، فدخل بها (١٣) إِلى البلد في أُبَّهة عظيمة، ولم يدخل نور الدين الموصل حتى قوي الشتاء، فأقام بها، كما ذكرنا أربعة وعشرين يومًا، فلما كانت (١٤) آخر ليلة أقام


(١) أ: اليوقاني، ب، ط: البرقاني، وفي سنا البرق الشامي (١/ ٩٨): التوقاني، وفي الروضتين (١/ ١٨٩): التوقاتي. وكل ذلك تصحيف. وهو عماد الدين أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي العباس النوقاني الأصولي. ترجمته في تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب (٤/ ٢/ ٧٥٣).
(٢) ط: الملوك والأمراء والعلماء والوزراء.
(٣) ط: وممن يعتمده.
(٤) ط: في الموصل.
(٥) عن أ وحدها.
(٦) ط: بين أظهرهم.
(٧) ليس في أ.
(٨) أ، ب: وخاصة المسلمين.
(٩) ط: استأمن نور الدين.
(١٠) بعدها في أ، ب: فطلب من الملك سيف الدين غازي.
(١١) ب: على. وليست اللفظة في ط.
(١٢) أ: فأكرمه وأحسن إِليه.
(١٣) ط: فيها.
(١٤) ط: فلما كان في آخر ليلة من إِقامته بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>