للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج (١) في اليوم الثاني إِلى الموكب، وهو متقلد السيف، وجميع الجيش كذلك، يريد بذلك (٢) الاقتداء برسول الله .

وقصّ عليه وزيره موفَّق الدين خالد بن محمد [بن نصر بن صفير، بن] (٣) القيسراني الشاعر أَنَّه رأى في منامه أَنَّه يغسل ثياب الملك نور الدين، فأمره أن يكتب مناشير بوضع المكوس (٤) والضرائب عن البلاد. وقال له: هذا تأويل (٥) رؤياك.

وكتب إِلى الناس ليكون (٦) منهم في حلّ مما كان أخذ منهم، ويقول لهم: إِنما صُرف في قتال أعدائكم من الكفرة، قبَّحهم (٧) الله ولعنهم، والذبّ عن بلادكم ونسائكم وأولادكم. وكتب بذلك إِلى سائر ممالكه وبلدان سلطانه، وأمر الوعّاظ أن يستحلّوا له من التجار (٨).

وكان يقول في سجوده: اللهمّ ارحم العشّار المكّاس (٩).

وقيل: إِن برهان الدين البلخي أنكر على الملك نور الدين استعانته في الحروب (١٠) بأموال المكوس. وقال له مرة: كيف تُنْصَرون وفي عساكركم الخمور والطبول والزمور؟!!.

ويقال: إِن سبب وضعه المكوس عن الناس (١١) أن الواعظ أبا عثمان المنتجب بن أبي محمد الواسطي، وكان من الصالحين الكبار، وكان هذا الرجل ليس له شيء، ولا يقبل من أحد شيئًا، إِنما كانت له جبة يلبسها إِذا خرج إِلى مجلس وعظه، وكان يجتمع في مجلس وعظه الألوف من الناس، أنشد نور الدين أبياتًا تتضمن ما هو متلبِّس به في ملكه، وفيها تخويف وتحذير شديد له: [من الكامل] (١٢)

مَثِّلْ وُقُوفَكَ أَيُّها المَغْرُورُ … يَوْمَ القِيَامَةِ والسَّماءُ تَمُورُ

إِنْ قِيلَ نُورُ الدِّينِ رُحْتَ مُسَلّمًا … فَاحْذَرْ بِأَنْ تَبْقَى وَمَالَكَ نُورُ


(١) ط: ثم خرج.
(٢) أ: ب: يريد به.
(٣) ليس في ب.
(٤) أ، ب: المكوسات.
(٥) أ: تفسير، والخبر في الروضتين (١/ ١١).
(٦) أ: يستعجل، ب: يستجعل، الروضتين (١/ ١١).
(٧) ب: لعنهم الله وليست الجملة الدعائية في ط.
(٨) أ، ب: يستحلوا من التجار لنور الدين.
(٩) ط: ارحم المكاس العشار الظالم محمود الكلب. الروضتين (١/ ١١).
(١٠) ط: حروب الكفار.
(١١) ط: البلاد.
(١٢) الأبيات في الروضتين (١/ ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>