للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإِنا كنا نقتبس النار بأكفّنا وغيرنا يستنير، ونستنبط الماء بأيدينا وسوانا يستمير، وتلقى (١) السهام بنحورنا وغيرنا يعتمد التصوير، ونصافح الصفاح بصدورنا وغيرنا يدّعي التصدير، والأبدان تستردّ بضاعتنا بموقف العدل الذي يُردّ به المغصوب، وتظهر طاعتنا فنأخذ بحظِّ الألسن كما أخذنا بحظِّ القلوب، [وما كان العائق إِلا أنا كنا ننتظر ابتداءً من الجانب الشريف بالنعمة، يضاهي ابتداءنا بالخدمة، وإِنجابًا للحق، يشاكل إِنجابنا للسبق] (٢). وكان أول أمرنا أَنَّا كنا في الشام نفتح (٣) الفتوح مباشرين (٤) بأنفسنا، ونجاهد الكفار متقدمين بعساكرنا، نحن ووالدنا وعمّنا، فأي (٥) مدينة فتحت، أو أي معقل ملك، أو عسكر للعدو كسر، أو مصاف للإسلام معه ضرب، فما يجهل أحد صنعنا، ولا يجحد عدونا أنا نصطلي (٦) الجمرة، ونملك (٧) الكرة، ونقدم (٨) الجماعة، ونرتب المقاتلة، وندبِّر التعبئة، إِلى أن ظهرت في الشام الآثار التي لنا أجرها، ولا يضرّنا أن يكون لغيرنا ذِكرها".

ثم ذكر (٩) ما صنعوا بمصر من كسر الكفر، وإِزالة المنكر، وقمع الفرنج، وهدم البدع التي كانت هنالك، وما بسط من العدل، ومدَّ (١٠) من الفضل، وما أقامه من الخطبة (١١) العباسية ببلاد مصر واليمن والنوبة، وإِفريقية وغير ذلك، بكلام بسيط حسن.

فلما وصلهم الكتاب أساؤوا الجواب.

وقد كانوا كاتبوا صاحب الموصل سيف الدين غازي بن مودود (١٢) أخي نور الدين محمود بن زنكي، فبعث إِليهم أخاه مسعودًا (١٣) عزّ الدين في عساكره، وأقبل عليهم (١٤) في دساكره، فانضاف (١٥) إِليهم


(١) ط: ونلتقى.
(٢) ما بين المعقوفتين مستدرك من أ.
(٣) في الروضتين: لفتح.
(٤) أ: نباشر، وط: بمباشرتنا. وانظر الروضتين.
(٥) في الروضتين: في أي.
(٦) ط: يصطلي.
(٧) أ، ب: ويملك.
(٨) في الروضتين: نتقدم.
(٩) باقي الرسالة في الروضتين.
(١٠) ط: ونشر.
(١١) ط: الخطب.
(١٢) سترد ترجمته في حوادث سنة ٥٧٦ من هذا الجزء.
(١٣) ليس في ط.
(١٤) ط: إِليهم.
(١٥) ط: وانضاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>