للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألفاظه (ويُدَمَّى) بدلَ (ويسمَّى). صححه بعضهم (١). والله أعلم.

وقولها: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ قد استُجيب لها في هذا، كما تقُبَّل منها نذرها. فقال الإمام أحمد (٢): حَدَّثَنَا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة أن النبي قال: "ما مِنْ مَوْلُوْدٍ إلَّا والشيطانُ يَمَشُهُ حِيْنَ يُوْلَدُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسَّ الشَّيْطَانِ إيّاهُ إلَّا مَرْيَمَ وابْنَها". ثم يقول أبو هريرة: واقرؤوا إنْ شئتم ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ أخرجاه من حديث عبد الرزاق (٣). ورواه ابن جرير (٤) عن أحمد بن الفرج [عن بقية] (٥)، عن الزبيدي (٦)، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي بنحوه.

وقال أحمد (٧) أيضًا: حَدَّثَنَا إسماعيل بن عمر، حدّثنا ابن أبي ذئب، عن عجلان مولى المُشْمَعِل، عن


(١) هكذا قال، ولم يصححه فيما أعلم كبير أحد سوى ابن حزم، فهذا خطأ أخطأ فيه هَمَّام بن يحيى العوذي في روايته عن قتادة، وهذه الرواية في مسند أحمد (٥/ ٧ و ١٧ و ٢٢)، والدارمي (١٩٧٥) وأبي داود (٢٨٣٧) من رواية عفان بن مسلم وبهز بن أسد العمي وحفص بن عمر الغمري، وهم ثقات، ثلاثتهم عن هَمَّام بهذه اللفظة "ويُدَمَّى" بدلًا من "وَيُسَمَّى". وقد خالفه ثلاثة من الثقات من أصحاب قتادة وهم: أبان بن يزيد العطار، وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة بن الحجاج، فرووه "يُسَمَّى" على الصواب، فأما رواية أبان فهي عند أحمد (٥/ ١٧)، وأما رواية شعبة فهي عند أحمد أيضًا، وأما رواية سعيد، وهو من أثبت الناس في قتادة - كما قرره الأئمة: ابن معين، والطيالسي، وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان وغيرهم - فهي عند أحمد (٥/ ١٢) وأبي داود (٢٨٣٨)، والترمذي (١٥٢٢ م) وابن ماجه (٣١٦٥) والنسائي (٧/ ١٦٦).
وأيضًا فقد رواه آخرون عن الحسن مثل رواية الجماعة، منهم إسماعيل بن مسلم المكي - وهو ضعيف - عند الترمذي (١٥٢٢)، وإياس بن دغفل وأشعث بن عبد الملك الحمراني، وهما ثقتان. وقال أبو داود عقيب رواية همام: "خولف هَمَّام في هذا الكلام، وهو وهم من همَّام، وإنما قالوا: "يُسَمَّى" فقال همام: "يُدَمَّى". قال أبو داود: وليس يؤخذ بهذا". ثم قال عقيب حديث سعيد عن قتادة: "ويُسَمَّى أصح، كذا قال سلام بن أبي مطيع عن قتادة، وإياس بن دغفل وأشعث عن الحسن". وقال ابن عبد البر: "لا يُحْتَمَل هَمَّام في هذا الذي انفرد به فإن كان حفظه، فهو منسوخ". (نقله الحافظ ابن حجر في الفتح في شرح حديث العقيقة ٥٤٧٢).
قلت: وإنما كان يفعل ذلك في الجاهلية فنسخ هذا، وتدل عليه مجموعة أحاديث منها عند ابن حبان (٥٣٠٨)، وابن ماجة (٣١٦٦)، وأبي داود (٢٨٤٣)، والحاكم (٢٣٨) وغيرها. وإنما أطلنا في هذا ونبهنا عليه لئلا يغتر به بعض الناس فيعمل به أو بما يستفاد منه (بشار).
(٢) المسند (٢/ ٢٧٤ - ٢٧٥).
(٣) والبخاري (٤٥٤٨) في التفسير، ومسلم (٢٣٦٦) في الأنبياء.
(٤) تفسيره (٣/ ١٦١).
(٥) زيادة من ب وط. وهي في تفسير الطبري كذلك.
(٦) في ط: "عن عبد الله بن الزبيدي" وهو غلط بيّن، فلا يعرف في الرواة عن الزهري مثل هذا، وإنما هو محمد بن الوليد الزبيدي، وروايته عن الزهري في الصحيحين (تهذيب الكمال ٢٦/ ٤٣٠)، وفي تفسير الطبري كما أثبتناه.
(٧) المسند (٢/ ٢٨٨).