للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحصلت له أموال جزيلة ففرَّقها بين الفقراء والمحتاجين، وقد حجَّ مرة وفي صحبته خلقٌ من الفقراء لا يعلمهم إِلا الله ﷿، وكانت فيه مروءة وإِغاثة للملهوفين، [وإِعانة المحتاجين]، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وكان يعظ الناس وعليه ثياب البذلة (١). قال (٢) مرة هذا البيت: [من البسيط]

ما في الصِّحاب أخو وجد نطارحه … حديث نجد ولا صبٌّ نجاريه

وجعل يكرره ويتواجد، فناداه شاب عليه قباء وكلوتة من الحاضرين فقال: يا شيخ نستطيع وننتقص بالقوم، والله إِن فيهم مَنْ لا يرضى أن يجاريك ولا يصل فهمك إِلى ما يقول. هلَّا أنشدت: [من البسيط]

ما في الصِّحاب وقد سارت حمولهمُ … إِلا محبّ له في الركب محبوبُ

كأنما يوسف في كل راحلة … والحي في كل بيت منه يعقوبُ

فصاح الشيخ ونزل عن (٣) المنبر وقصد الشاب ليعتذر إِليه فلم يجده ووجد مكانه حفرة فيها دم كثير من كثرة ما كان يفحص (٤) برجليه عند إِنشاد الشيخ البيت. وذكر له ابن (٥) خلكان (٦) أشياء كثيرة من أناشيده وأثنى عليه خيرًا، وأنه توفي في هذه السنة وله ثلاث وتسعون سنة رحمه الله تعالى.

ابن الأثير (٧) مصنف "أسد (٨) الغابة" و"الكامل".

هو الإمام العلَّامة عزّ الدين أبو الحسن علي بن [أبي الكرم محمد بن محمد بن] عبد الكريم بن عبد الواحد الشَّيْباني الجَزَري المَوْصِلي المعروف بابن الأَثير مصنف كتاب "أسد (٩) الغابة في أسماء


(١) البَذْلة والمِبْذَلة من الثياب: ما يُلْبَس ويُمْتَهن ولا يصان (اللسان: بذل) ومن هنا نعلم بأَنَّ استعمال لفظة بذلة بمعنى الثوب المرتب الحسن خطأ، والصحيح (بدلة) لأنه يستبدل بملابس البيت ملابس الخروج.
(٢) الخبر في ط مختلف عما هنا وفيه نقص وزيادة، وآثرت رواية أ وب لأنها أتمّ من رواية ط.
(٣) أ، ب: من.
(٤) يفحص: يبحث في التراب برجله ويحفره. اللسان (فحص).
(٥) أ، ب: وقد ذكر ابن خلكان.
(٦) وفيات الأعيان (٣/ ٤٤٦ - ٤٤٨).
(٧) ترجمة - ابن الأثير - في تكملة المنذري (٣/ ٣٤٧ - ٣٤٨) وذيل الروضتين (١٦٢) ووفيات الأعيان (٣/ ٣٤٨ - ٣٥٠) ومختصر أبي الفداء (٣/ ١٦١) وتاريخ الإسلام (١٣/ ٩٢٥) وسير أعلام النبلاء (٢٢/ ٣٥٣ - ٣٥٦) والعبر (٥/ ١٢٠ - ١٢١) وطبقات السبكي (٥/ ١٢٧) والنجوم الزاهرة (٦/ ٢٨١ - ٢٨٢) وشذرات الذهب (٧/ ٢٤١ - ٢٤٢).
(٨) عن ط وحدها.
(٩) عن ط وحدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>