للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عيسى إلى الكُتَّاب وتعليمه المعلم معنى حروف أبي جاد، وهو مطوّل لا يُفْرَحُ به (١).

ثم قال ابن عدي: وهذا الحديث باطلٌ بهذا الإسناد، لا يرويه غير إسماعيل.

وروى ابن لَهِيْعَة عن عبد اللّه بن هبيرة قال: كان عبد اللّه بن عمرو يقول: كان عيسى بن مريم وهو غلامٌ يلعب مع الصبيان، فكان يقول لأحدهم: تريد أن أخبرك ما خبأت لك أمك؟ فيقول: نعم. فيقول: خبأت لك كذا وكذا. فيذهب الغلام منهم إلى أمه فيقول لها: أطعميني ما خبأت لي. فتقول: وأي شيءٍ خبأت لك؟ فيقول: كذا وكذا. فتقول له: من أخبرك؟ فيقول: عيسى ابن مريم. فقالوا: واللّه لئن تركثم هؤلاء الصبيان مع ابن مريم ليُفْسِدَنَّهم. فجمعوهم في بيتٍ وأغلقوا عليهم، فخرج عيسى يلتمسهم، فلم يجدهم، فسمع ضوضاءهم في بيت، فسأل عنهم، فقالوا: إنما هؤلاء قردة وخنازير، فقال: اللهم كذلك، فكانوا كذلك. رواه ابن عساكر (٢).

وقال إسحاق بن بشر عن جويبر، ومقاتلٌ عن الضحاك عن ابن عباس قال: وكان عيسى يرى العجائب في صباه إلهامًا من الله، ففشا ذلك في اليهود، وترعرع عيسى، فهمَّتْ به بنو إسرائيل، فخافت أمّه عليه، فأوحى اللّه إلى أمّه أن تنطلق به إلى أرض مصر، فذلك قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾ (٣) [المؤمنون: ٥٠].

وقد اختلف السلف والمفسرون في المراد بهذه (الربوة) التي ذكر اللّه من صفتها أنها ﴿ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾ وهذه صفةٌ غريبةُ الشكل، وهي أنها ربوة، وهو المكان المرتفع من الأرض الذي أعلاه مستوٍ يفزُ عليه وارتفاعه متسعٌ، ومع علوّه فيه عيون (٤) الماء، (معين) وهو الجاري السارح على وجه الأرض، فقيل: المراد المكان الذي وَلَدت فيه المسيح، وهو نخلة بيت المقدس ولهذا ﴿فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا﴾ [مريم: ٢٤]، وهو النهر الصغير في قول جمهور السّلف (٥). وعن ابن عباس بإسناد جيد أنها أنهار دمشق [فلعلّه أراد تشبيه ذلك المكان بأنهار دمشق] (٦). وقيل ذلك بمصر كما زعمه من زعمه من أهل الكتاب ومن تلقَّاه عنهم واللّه أعلم.

وقيل: هي الرملة (٧).


(١) أخرجه ابن عدي في ترجمة إسماعيل بن يحيى بن عبيد اللّه التيمي من الكامل (١/ ٢٩٩).
(٢) مختصر تاريخ دمشق (٢٠/ ٩٢).
(٣) تاريخ الطبري (١/ ٥٩٧). ومختصر تاريخ دمشق (٢٠/ ٩٤).
(٤) في ب عين من الماء.
(٥) في تفسير الطبري (١٦/ ٥٣). عدة آراء في تفسير (السري).
(٦) ليست في ب.
(٧) أي: الربوة. تفسير الطبري (١٨/ ٢٠ - ٢١).