للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معمر عن الزهري عن ابن طاووس عن أبيه قال: لقي عيسى ابن مريم إبليس فقال: أما علمت أنه لن يصيبك إلا ما كتب لك، قال إبليس: فارق بذروة هذا الجبل فتردّى منه فانظر تعيش (١) أم لا، فقال ابن طاووس عن أبيه. فقال عيسى: أما علمت أن اللّه قال: لا يجرِّبني عبدي فإني أفعل ما شئت. وقال الزهري: العبد لا يبتلي ربَّه، ولكنَّ الله يبتلي عبدَه (٢).

قال أبو داود: حدّثنا أحمد بن عبدة، أخبرنا سفيان، عن عمرو، عن طاووس قال: أتى الشيطانُ عيسى ابن مريم فقال: أليس تزعم أنك صادقٌ؟ فأْتِ هُوَّةً فألقِ نفسَك. قال: ويلك أليس قال اللّه: يا ابن آدم لا تسألني هلاكَ نفسك فإني أفعل ما أشاء.

وحدّثنا أبو توبة الربيعُ بن نافع، حدّثنا حسين بن طلحة، سمعت خالد بن يزيد قال: تعبد الشيطان مع عيسى عشر سنين، أو سنتين، أقام يومًا على شفير جبل، فقال الشيطان: أرأيت إن ألقيتُ نفسي هل يصيبني إلا ما كُتب لي؟ قال: إني لست بالذي أبتلي ربي، ولكن ربي إذا شاء ابتلاني، وعرفه أنه الشيطان ففارقه (٣).

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدّثنا شريح بن يونس، حدّثنا علي بن ثابث، عن خطاب (٤) بن القاسم، عن أبي عثمان قال: كان عيسى يصلي على رأس جبل، فأتاه إبليس فقال: أنت الذي تزعم أن كل شيء بقضاء وقدر؟ قال: نعم. قال: أْلقِ نفسَك من هذا الجبل وقل: قُدّرَ على. فقال: يا لعين! اللّهُ يختبِرُ العبادَ، وليس العبادُ يختبرون اللّه ﷿ (٥).

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدّثنا الفضل بن موسى البصري، حدّثنا إبراهيم بن بشّار، سمعت سفيان بن عيينة يقول: لقي عيسى ابن مريم إبليس، فقال له إبليس: يا عيسى ابن مريم الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تكلّمت في المهد صبيًا. ولم يتكلّم فيه أحد قبلك، قال: بل الربوبية لله الذي أنطقني ثمّ يميتني ثم يحييني. قال: فأنت الذي بلغ من عِظَم ربوبيتك أنك تحيي الموتى؟ قال: بل الربوبية للّه الذي يحي ويُميت من أحييتُ ثم يحييه، قال: والله إنك لإله في السماء وإله في الأرض. قال: فَصَكَّه جبريلُ صكةً بجناحه (٦) فما تناهى (٧) دون قرون الشمس، ثمّ صكّه أخرى بجناحه فما تناهى دون العين الحامية،


(١) في ط: هل تعيش.
(٢) الخبر في مختصر ابن عساكر (٢٠/ ٩٨).
(٣) مختصر تاريخ دمشق (٢٠/ ٩٨).
(٤) كذا في ب. وفي أ. وط: الخطاب.
(٥) مختصر تاريخ دمشق (٢٠/ ٩٨).
(٦) في ط: بجناحيه.
(٧) في ط: فما تباها.