للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أصحهما) قول الجمهور أنه يجب ردها إلى أصحابها لحديث العضباء ناقة رسول الله ، حين استرجعها رسول الله ، وقد كان أخذها المشركون، استدلّوا بهذا وأمثاله على أبي حنيفة.

وقال بعض العلماء: إذا أخذ الكفار أموال المسلمين وأسلموا وهي في أيديهم استقرّت على أملاكهم، واستدل على ذلك بقوله "وهَلْ ترَكَ لنا عقيلٌ من رباعٍ" (١) وقد كان استحوذ على أملاك المسلمين الذين هاجروا وأسلم عقيل وهي في يده، فلم تنتزع من يده، وأما إذا انتزعت من أيديهم قبل، فإنها ترد إلى أربابها لحديث العضباء.

والمقصود أن الظاهر عقد مجلسًا اجتمع فيه القضاة من سائر المذاهب وتكلموا في ذلك وصمَّم السلطان على ذلك اعتمادًا على ما بيده من الفتاوى، وخاف الناسُ من غائلة ذلك فتوسَّط الصاحب فخر الدين بن الوزير بهاء الدين بن الحنا (٢)، وكان قد درَّس بالشافعي بعد ابن بنت الأعز، فقال: يا خوند أهل البلد يصالحونك عن ذلك كله بألف ألف درهم، تقسط كل سنة مئتي (٣) ألف درهم، فأبى إلا أن تكون معجلة بعد أيام، وخرج متوجهًا إلى الديار المصرية، وقد أجاب (٤) إلى تقسيطها، وجاءت البشارة بذلك، [فقرئت على المنبر ففرح الناس بذلك] ورسم أن يعجّلوا من ذلك أربعمئة ألف درهم، وأن تعاد إليهم (٥) الغلّات التي كانوا قد احتاطوا عليها في زمن القسم والثمار، وكانت هذه الفعلة مما شعثت خواطر الناس على السلطان.

ولما استقر أمر أبغا على التتار أمر باستمرار وزيره نصير الدين الطوسي (٦)، واستناب على بلاد الروم (٧) البرواناه (٨) وارتفع قدره عنده جدًا واستقلّ بتدبير تلك البلاد وعظم شأنه فيها.

وفيها: كتب صاحبُ اليمن إلى الظاهر بالخضوع والانتماء إلى جانبه وأن يخطب له ببلاد اليمن، وأرسل إليه بهدايا وتحفًا كثيرة، فأرسل إليه السلطان هدايا وخلعًا وسنجقًا وتقليدًا.


(١) رواه البخاري في صحيحه رقم (١٥٨٨) في الحج، ومسلم رقم (١٣٥١) في الحج، من حديث أسامة بن زيد .
(٢) سترد ترجمة ابن الحنا بهاء الدين في وفيات سنة ٦٧٧ من هذا الجزء إن شاء الله تعالى.
(٣) أ، ب: مئتا.
(٤) أ، ب: ثم بعد أيام وقد خرج متوجهًا إلى الديار المصرية أجاب.
(٥) ط: إليه.
(٦) سترد ترجمة الطوسي في وفيات سنة ٦٧٢ من هذا الجزء إن شاء الله.
(٧) أ، ب: استمر بوزيره - في ب: بوزارة - نصير الدين الطوسي فاستناب على سلطنة بلاد الروم.
(٨) البرواناه: كلمة فارسية معناها في الأصل الحاجب ثم أطلق في دول الروم السلاجقة بآسيا الصغرى على الوزير الكبير. هامش ط. وقد سمّاه أبو الفدء (٤/ ٥) واليونيني (٢/ ٤٠٤): معين الدين سليمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>